مسؤولون أمريكيون: البرنامج النووي الإيراني لم يدمر بالكامل
مسؤولون أمريكيون: البرنامج النووي الإيراني لم يدمر بالكامل
كتب يحي الداخلى
مسؤولون أميركيون اطّلعوا على تقييم استخباراتي متطور لعملية “مطرقة منتصف الليل” يحذرون من أن الادعاء بتدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل ربما يكون مبالغًا فيه.
أظهرت صورة ملتقطة بالأقمار الصناعية حفرة كبيرة في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض، بعد أن استهدفتها ضربات جوية أميركية في 22 يونيو.
بحسب مسؤولين أميركيين وأشخاص مطّلعين على التقييمات الجارية، خلصت الولايات المتحدة إلى أن واحدة فقط من بين المنشآت النووية الإيرانية الثلاث الرئيسة قد دُمّرت في الضربات الأميركية الشهر الماضي، ما أثار تساؤلات جديدة بشأن تصريح الرئيس دونالد ترامب بأن البرنامج النووي الإيراني “أُبيد بالكامل”.
من بين المنشآت الثلاث التي استهدفتها الحملة الجوية الليلية الواسعة، كانت الأضرار في موقع فوردو هي الأوضح، وفقًا لمسؤولين أميركيين ومساعد في الكونغرس مطّلع على إحاطات قدّمت للمشرّعين. فقد أسقطت قاذفات الشبح من طراز B-2 اثنتي عشرة قنبلة ضخمة خارقة للتحصينات عبر فتحات التهوية إلى داخل المنشأة تحت الأرض.
وما تزال التحليلات جارية لتحديد مدى الأضرار في موقعي نطنز وأصفهان، لكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن الضربات لم تكن قاضية، بحسب مسؤول أميركي مطلع على تقييمات الاستخبارات.
قال المسؤول: “لا يمكننا الجزم إطلاقًا بأنه تم تدميره بالكامل”، في إشارة إلى البرنامج النووي الإيراني. وتحدث كل من هذا المسؤول والمساعد في الكونغرس بشرط عدم الكشف عن هويتهما نظرًا لحساسية التقييمات الجارية.
وأضاف المساعد أن الهدف المتمثل في تدمير البنية التحتية العميقة المدفونة في فوردو “يبدو أنه تحقق”. وزاد من مستوى الثقة أن المخططين العسكريين الأميركيين كانوا على دراية تامة بالموقع، وقد طوّروا خصيصًا برنامج القنابل الخارقة للتحصينات بوزن 30,000 رطل استجابةً لمحاولة إيران إخفاء الموقع داخل جبل.
ومع ذلك، لا تزال هناك تساؤلات كبيرة، مثل ما إذا كانت أجهزة الطرد المركزي في المستويات الأعمق من فوردو قد دُمّرت أو أصبحت غير صالحة للاستخدام، أو إن كانت قد نُقلت قبل القصف. فإذا لم تكن موجودة هناك أثناء الضربة، قال المساعد “فهذا يعني أنهم عادوا للعمل”، مضيفًا أن “هذا هو العنصر الحاسم في تخصيب المادة”.
أما عن فاعلية الضربات في الموقعين الآخرين، فأفاد المساعد أن المعلومات المتوافرة أقل بكثير.
وأوضح أن القنابل الخارقة للتحصينات لم تُستخدم في موقع أصفهان لأن البنتاغون قدّر أنه “شبه منيَع”، مضيفًا أن أصفهان، وهو أكبر مجمع للبحوث النووية في البلاد، يحتوي على تحصينات أعمق وتحت صخور أشد صلابة من تلك الموجودة في فوردو. وبدلاً من ذلك، أطلقت غواصة أميركية وابلاً من صواريخ توماهوك لتدمير الأهداف السطحية.
كذلك استُهدفت منشآت في موقع نطنز – ثاني أهم منشأة لتخصيب اليورانيوم في إيران – من قبل طائرات إسرائيلية قبل الضربات الأميركية. ثم أسقطت قاذفات B-2 قنبلتين من نوع Massive Ordnance Penetrator لتدمير غرف تحت الأرض.
قال المساعد إن لا سبب يدعو للشك في أن المنشآت تحت الأرض في نطنز قد دُمّرت، لكنه أشار إلى أن الصورة الاستخباراتية التي تلت الضربات في نطنز كانت أضعف من تلك التي في فوردو.
تقييم الأضرار الناتجة عن القصف عادةً ما يتغير بمرور الوقت مع توفر معلومات جديدة، كما أن الطبيعة العميقة للمنشآت النووية الإيرانية تعقّد مهمة تقييم وضعها بدقة.
وكانت بعض عناصر التقييم الأميركي الجديد قد وردت سابقًا في تقارير لشبكة NBC News.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت إيران ستمضي الآن في سعيها نحو امتلاك سلاح نووي، قال المساعد في الكونغرس إن ذلك يعتمد على كيفية استجابة طهران وواشنطن خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.
من الصعب تخيل أن المرشد الأعلى علي خامنئي وآخرين في النظام لن يروا في هذه الضربات دليلاً على حاجتهم لامتلاك ردع نووي موثوق. فإذا اختار القادة الكبار حلاً دبلوماسيًا بعد الإهانة المتمثلة في اختراق دفاعاتهم، فإن الحكومة الإيرانية تُخاطر بحدوث زعزعة سياسية؛ أما إذا برزت قيادة جديدة، فقد تكون أكثر تشددًا.
وقالت سيما شاين، خبيرة الشأن الإيراني والمسؤولة السابقة في جهاز الموساد الإسرائيلي: “لا يوجد سبب للاعتقاد بأنهم لن يسعوا لامتلاك سلاح نووي الآن”. وأضافت: “هم يريدون القنبلة… الردع النووي”، لكنها أشارت إلى أن الإيرانيين “يعرفون الثمن” الذي قد يدفعونه إذا استأنفوا نشاطهم النووي.
وأشارت شاين إلى أن العمليات العسكرية والسرية الإسرائيلية أسفرت عن مقتل عدد من كبار العلماء النوويين الإيرانيين، وتدمير ما يصل إلى نصف منصات إطلاق الصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى منشآت تصنيع أجهزة الطرد المركزي.
وأضافت شاين، وهي باحثة بارزة في “معهد دراسات الأمن القومي” بجامعة تل أبيب: “ما
حدث لإيران في هذه الحرب يتجاوز مجرد تدمير عدد من المواقع”.
بدوره، قال البروفيسور ولي نصر من جامعة جونز هوبكنز إن الإيرانيين “يعتقدون أنهم في حرب طويلة مع إسرائيل”، وأن المسألة الأكبر تتمثل في “إدارة التهديد الإسرائيلي”، بما يشمل إعادة بناء الدفاعات الجوية وسد الثغرات الاستخباراتية.
وتابع نصر أن المسألة بالنسبة لواشنطن ينبغي ألا تكون مقتصرة على نتائج التقييم الاستخباراتي – أي ما إذا تم إنهاء البرنامج النووي الإيراني أم لا – بل “ما إذا كان من المجدي الجلوس إلى طاولة التفاوض مع الإيرانيين للتوصل إلى شيء يمكن أن يُضفي استدامة على وقف إطلاق النار هذا”.
وقد حافظ البنتاغون على موقف نقدي حاد تجاه التقارير الإعلامية التي استندت إلى تقييم سري أولي لوكالة استخبارات الدفاع الشهر الماضي، قال إن الضربات أخّرت برنامج طهران لأشهر لكنها لم تُنهه كليًا.
وقال المتحدث الرسمي باسم البنتاغون شون بارنيل: “منشآت إيران النووية في فوردو وأصفهان ونطنز تم تدميرها بالكامل. لا شك في ذلك”.
وأضاف بارنيل للصحفيين في وقت سابق من هذا الشهر أن البرنامج الإيراني قد تراجع “بين عام إلى عامين”.
أما البيت الأبيض، فواصل يوم الخميس التأكيد على أن الضربات الأميركية، المعروفة باسم عملية “مطرقة منتصف الليل”، قد قضت على البرنامج النووي الإيراني كتهديد.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي في بيان: “كما قال الرئيس وأكده الخبراء، فإن عملية مطرقة منتصف الليل دمرت تمامًا القدرات النووية لإيران. أميركا والعالم أكثر أمانًا بفضل هذا التحرك الحاسم”.
ويجمع المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون، وكذلك الخبراء النوويون، على أن الضربات ألحقت أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية النووية الإيرانية. لكن من دون معلومات إضافية – خصوصًا بشأن مصير مخزون إيران من اليورانيوم العالي التخصيب – يبقى من غير الواضح ما إذا كانت إيران ستتمكن من استئناف طريقها نحو القنبلة، ومتى، إذا قررت القيادة المضي في ذلك.
???? وقال المساعد في الكونغرس: “يبدو أن الإدارة ارتكبت خطأً غير ضروري حين سارعت لإعلان النصر، بينما لم تكن مضطرة لذلك”.
التعليقات الأخيرة