• مصر
  • الثلاثاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥
  • أخر تحديث 01:51:02 AM
news-details
مقالات

أين ذهبوا؟ حديثٌ عن صلة الرحم في زمن الغفلة

أين ذهبوا؟ حديثٌ عن صلة الرحم في زمن الغفلة


✍️ بقلم: أحمد الشبيتي

كأنّ الزمان قد تغيّر علينا فجأة، أو كأنّنا نحن الذين تغيّرنا عليه. أصبحنا نعيش في أيامٍ تباعدت فيها القلوب، وتشاحنت فيها النفوس، وغابت عنها معاني المحبة والرحمة، حتى صِرْنا نشتاق إلى زمنٍ كانت فيه صلة الرحم فطرة، والمودّة عادة، والإيثار خُلقًا لا يُطلب، بل يُولد مع الناس.

أين ذهبت صلة الرحم؟
زمان، كان الأخ لا ينام إن غضب منه أخوه، وكانت الجارة تُربي أبناء جارتها، وكان العمّ يُعامل أولاد أخيه كأبنائه، وكانت القلوب عامرة بالرضا رغم الفقر، وبالسكينة رغم الشقاء. واليوم، أصبحنا نحسد الأقارب، ونغتابهم في المجالس، ونُبطن الغلّ ونُظهر الابتسامة، نقطع أرحامنا لأتفه الأسباب، وننسى أن الله قال:
"فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتُقطّعوا أرحامكم" [محمد: 22].

أيّ زمنٍ هذا الذي نشمت فيه بمصيبة أخينا؟
أين اختفت الشهامة والرجولة والستر والمساندة؟ صار بعضنا يفرح إذا رأى غيره يتعثر، وكأننا ننتقم لا نعيش! إن قُطعت الكهرباء عن جارٍ فرحنا، وإن مرض قريبٌ شمِتنا، وإن اختُبر أحدنا ببلاء قلنا: "كان يستاهل"... وهل هذه أخلاق أمةٍ قال نبيها ﷺ:
"ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قُطعت رحمه وصلها"؟

نفسى في ناس زمان...
نعم، نفسي في القلوب اللي كانت تحب من غير مصلحة، في الإخوة اللي كانوا سند لبعض، في البيوت اللي كان فيها مائدة واحدة يجلس عليها الكبير والصغير، نفسي في السلام اللي من القلب، في الابتسامة اللي مش وراها مكر، نفسي في صلة رحم حقيقية، مش مجرد رسائل على "الواتساب" في المناسبات!

يا من قطعت رحمك، راجع نفسك.
واعلم أن من أعظم القربات إلى الله: صلة الرحم، وأنّ دعوة المظلوم من رحمك ليست بينها وبين الله حجاب، وأن قطيعة الرحم تُعجّل العقوبة في الدنيا قبل الآخرة. يقول النبي ﷺ:
"من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه" [متفق عليه].

فلنُصلح ما بيننا.
قبل أن يُكتب علينا الندم، قبل أن نُفجع بفقد من قاطعناهم، ونتحسّر على لحظاتٍ من العتاب والمصالحة ضاعت بسبب الكبرياء، دعونا نعود إلى الأصل الطيب، نعود كما كان أجدادنا، نحفظ الودّ، ونُعيد صلة الأرحام، فذلك خيرٌ لنا في الدنيا والآخرة.

يمكنك مشاركته عبر

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا