خد فتيسك
قصة قصيرة
خد فتيسك
للكاتب المصري م محمود عبد الفضيل
تسلمت مأمورية من جهة العمل لزيارة الورشه المركزيه الخاصة بالمؤسسة التي اعمل بها والتي تقوم بتصنيع مل قطع الغيار الخاصة بالسيارات التي يتم إنتاجها
و بالفعل توجهت إلي الورشه في الصباح الباكر بعد أن قطعت عدد لا بأس به من ساعات السفر للوصول إليها
و قبل دخولي الورشه قررت أن أجلس علي أحدي المقاهي الشعبيه التي تقابل بوابة الورشه للأفطار و احتساء الشاي
قبل الدخول للعمل و إنجاز الأعمال التي تتطلب يقظه ودقه متناهيه
المقهي يكاد يكون خالي إلا من شخص واحد يجلس بمفرده و يرتدي يونيغورم المؤسسة ، يبدو من ملامحه اثار التعب ربما تخطي الخامسة و الاربعون من عمره و من ملابس العمل النظيفه التي يرتديها تشعر أنه مشرف أو ملاحظ و فليس مجرد عامل ،جلست علي المنضده التي يجلس عليها و تعرفت عليه و بدأت في سؤاله عن أحوال الورشه . اعتذر عن الإجابة و أخبرني أنه تم فصله منذ سنتين من الورشه بسبب خطأ اداري و أنه يأتي إلي الورشه كل فتره محاولا مقابله أحد المسؤولين لعله يستطيع مساعدته في العوده للعمل خاصة أنه لا بجد عمل منذ تركه فصله و له بنات في مراحل تعليم مختلفة . استفسرت عن سبب الفصل و أخبرني و هو يعود بالذاكرة و كأنه يدير ماكينه فلاش باك مسترسلا في الحديث أنه تلقي ماموريه للذهاب الي أحدي المواقع الخاصه بالمؤسسة بسيارة بيك اب
و في الطريق تعرض لحادث مروري نتيجه نومه اثناء القياده و بعد خروجه من مرحله العلاج تم تحويله إلي التحقيقات التي قررت معاقبته بخصم عدد من الايام من راتبه مع تحمله نفقات اصلاح السيارة
و بالفعل تقبل الموضوع بصدر رحب و لمن مع الايام نفذ كل ما تم إدخاره و هنا قرر أن يلجأ إلي مديره لإيجاد حل لإيقاف الخصم و لكن مديره أشار إليه بنصيحه أنه طالما تحمل نفقات اصلاح السيارة فمن حقه أن يأخذ كل قطع الغيار القديمه من نتاج الحادثه و بيعها حتي يعوض جزء من خسارته و يستطيع الانفاق علي أسرته حتي يجد له حل في تلك المشكله اتي تستغرق وقتا طويلا لرفع الجزاء عنه
و بالفعل توجه إلي الخرده و لم يجد أي شئ يصلح للبيع غير فتيس السيارة فهو مازال بحاله جيده و يستطيع بيعه بسعر جيد و أخبر المدير و رد المدير بثقه( خد فتيسك )
و بالفعل حمل الفتيس و توجه إلي البوابه و لكن أمن المؤسسه ألقي القبض عليه واقتياده إلي الشئون القانونيه للتحقيق معه يتهمه سرقه خرده الشركة
و تم فصله بعد أن أنكر المدير معرفته بالواقعة
و من يومها و هو يتردد علي الورشه كل فترة محاولا العوده للعمل و لكن دون فائده . تناولت الافطار مع عم جمعه و احتسيت الشاي معه و عند مغادرتي المقهي لدخول الورشة دسست في يده مبلغ من المال بعد أن علمت من حكايته مدي ما يواجهه من ازمه مادية قد تطيح بمستقبل أسرته و بناته
مرت سنوات عديده و في ذهني قصة عم جمعه و كيفيه أن تدير لك الدنيا ظهرها في لحظات و تتبدل احوالك من الراحة إلي الشقاء نتيجه خطأ مقصود أو غير مقصود
و بدأت في أحد كل عوامل الاحتياط في العمل حتي أتجنب أن اقع في مشكلة تطيح بمستقبلي أو تهدد عملي
و من نجاح إلي نجاح تم ترشيحي لقيادة الورشه بعد سنوات عديدة من الكفاح و العمل المستمر
و في أول يوم قبل استلام منصبي قررت أن أدخل المقهي المواجهه الورشه .
هي نفس المقهي لم تتغير منذ أول زيارة و لكن المفاجاه
هي وجود عم جمعه يرتدي يونيفورم الشركه جالسأ في نفس الركن و كأن الزمن توقف عنده و لم يتحرك منذ أول لقاء بيني و بينه .
لم تتغير ملامحه كثيرا ، جلست علي نفس المنضدة و ذكرته بأول لقاء بيننا ،لم يتذكرني فقد مرت سنوات طويلة علي هذا اللقاء وربما تغيرت ملامحي مع الزمن و لكنه لم يتغير و علمت منه أنه ينتظر المدير الجديد لعله يجد له حل في مشكلته و يساعده في العوده للعمل
نظرت إليه في شفقه و سألته عن بناته
تعجب من سؤالي و لكنه أجاب في سعاده أن جميع بناته حصلوا علي شهادات جامعية و تزوجوا و بعضهن انجب له الحفيد
و في نهاية الجلسة و انا انهي احتساء القهوة
مددت يدي و دسست له مبلغ من المال و طلبت منه عدم ضياع وقته في انتظار أمر مستحيل خاصه أنه أصبح علي مشارف الستين
و وجهت له الكلام و انا استدير متوجها إلي بوابه الورشه لاستلام العمل قائلا مشكلتك انك اخذت الفتيس بس معرفتش تنقل
التعليقات الأخيرة