دمج الكوتشنج مع العلاج النفسي: جسرٌ بين التعافي والنموحوار مع د. رشا العناني
دمج الكوتشنج مع العلاج النفسي: جسرٌ بين التعافي والنموحوار مع د. رشا العناني
كتبت /منى منصور السي حوارنا اليوم نلتقى مع الدكتورة رشا العناني، استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري واللايف كوتش، لتبحر بنا في موضوع في غاية الأهمية والعمق: "دمج الكوتشنج مع العلاج النفسي". هذا المفهوم يمثل جسراً فريداً بين التعافي من الماضي والنمو نحو المستقبل.
هل لاحظتم كيف أن الكثير من الناس، على الرغم من أنهم لا يعانون من اضطرابات نفسية خطيرة، يظلون عالقين في دائرة من الألم بسبب تجارب الماضي؟ هل تساءلتم يوماً عن المقاربة المثالية التي يمكن أن تساعدهم على تجاوز هذه الآثار دون أن يُحصروا في هوية "المريض النفسي"؟ هذا ما سنناقشه اليوم.
فى لقائنا اليوم سنوضح أن هناك شريحة من الناس لا يعانون بالضرورة من اضطرابات نفسية شديدة، لكنهم ما زالوا متأثرين بتجارب الماضي. كيف يمكن أن تصفِ هذه الفئة من وجهة نظرك كاستشاري وأيضاً كـ لايف كوتش، ولماذا يعتبر الدمج مثالياً لهم؟فاوضحت د. رشا العناني أن هذه الفئة هي ما نسميهم "الأصحاء المُتأثرين". هم ليسوا مرضى بالمعنى السريري، لكنهم يحملون ندوبًا نفسية من الماضي تعيق تقدمهم. الكوتشنج وحده قد يمنحهم أدوات للعمل على أهدافهم لكنه لن يعالج الجذور العاطفية للمشكلة، في حين أن العلاج النفسي قد يغوص في الماضي دون أن يمنحهم خطة عملية للمستقبل. الدمج يوفر لهم أفضل ما في النهجين: فهم عميق للذات من خلال العلاج، وخطة عمل واضحة للتحرك نحو الأمام بفضل الكوتشنج.
فى تسأول لنا هل العلاج النفسي يساعد على "تفريغ المشاعر المكبوتة وفهم أنماط التفكير". ما أهمية هذه الخطوة التمهيدية، ولماذا لا يمكن البدء بالكوتشنج مباشرة دونها؟أوضحت د. رشا العناني: هذه الخطوة حاسمة. لا يمكنك بناء منزل على أساس غير مستقر. المشاعر المكبوتة هي تلك الأحمال التي تثقل كاهل الشخص وتمنعه من رؤية الطريق بوضوح. بدون تفريغ هذه المشاعر وفهمها، أي خطة عمل يضعها الكوتش ستكون عرضة للانهيار عند أول ضغط نفسي. العلاج النفسي يجهز الأرضية، والكوتشنج يبدأ في البناء عليها.
ولكن كيف أن الكوتشنج يمنح "خطة عمل واضحة" و"أدوات لتحويل الوعي إلى خطوات واقعية". كيف تضمنين كـ لايف كوتش أن هذه الخطوات تكون مستدامة وليست مجرد حلول مؤقتة؟قالت رشا العناني: الاستدامة تأتي من العمل على الأساسيات التي يوفرها العلاج النفسي. بعد أن يفهم الشخص جذور مشاكله، يصبح قادرًا على اختيار الأهداف التي تتوافق حقًا مع ذاته الحقيقية. ككوتش، أعمل مع العميل على بناء عادات صغيرة ومتدرجة بدلاً من تغييرات جذرية مفاجئة. التركيز يكون على الالتزام الذاتي، وليس فقط على تحقيق الهدف، مما يضمن أن الوعي الجديد يتحول إلى سلوك متأصل.
ولكن د. رشا كيف أن الدمج يوازن بين الماضي والمستقبل. ما هي المخاطر التي قد تنتج عن التركيز على أحدهما فقط دون الآخر؟كان رد د. رشا أن التركيز على الماضي فقط قد يؤدي إلى بقاء الشخص في حلقة مفرغة من التحليل واللوم دون الانتقال إلى مرحلة الحل أو التغيير. أما التركيز على المستقبل فقط، فقد يكون محفوفًا بالمخاطر لأنه يتجاهل الصدمات غير المحلولة التي قد تطفو على السطح في أي وقت، فتعيق التقدم أو تسبب انتكاسات. التوازن هو مفتاح النجاح هنا، فهو يسمح لنا بالتعلم من الماضي لنبني مستقبلاً أقوى.
وأخير نختتم بفكرة مهمة: تجاوز أثر الصدمات دون حصر الشخص في هوية "المريض النفسي". ما أهمية هذه النقطة في رحلة الشفاء والنمو؟
أفادت د .رشا أن هذه النقطة أساسية. وصم الشخص بأنه "مريض" قد يجعله يتبنى هذه الهوية ويعيق تقدمه. هذا النهج يغيّر النظرة من "معاناة مرضية" إلى "رحلة نمو وتطور". عندما يرى الشخص نفسه كباحث عن النمو والازدهار، يصبح أكثر استعداداً لتحمل مسؤولية حياته واتخاذ الخطوات اللازمة. إنه تحول من حالة الاستسلام إلى حالة التمكين.
التعليقات الأخيرة