حولها ندندن
حولها ندندن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله كما أمر، والشكر له وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إرغاما لمن جحد به وكفر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، السادة الغرر، وسلم تسليما كثيرا ما رأت عين وامتد نظر، أما بعد أيها المؤمنون، فإنه ما من وصية أبلغ ولا من أمر أعظم من قول الله جل وعلا " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم " ثم أعلموا عباد الله أن نبيكم صلى الله عليه وسلم مر على رجل من أصحابه ومع نبيكم الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه فأخذوا يتذاكرون الدعاء فكان من جملة ما قاله ذلك الصحابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه " أما وإني لا أحسن دندنتك ولا دندنت معاذ ولكنني أسأل الله الجنة وأستعيذ به من النار"
فقال صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال "حولها ندندن" أي ما تسأله الله جل وعلا هو ما نسأله أنا ومعاذ إياه، وقد يظن البعض أن الحديث عن الجنة أمر تقليدا مكررا تكاد تسأمه بعض النفوس ولا ريب أن هذا خلاف الفطرة وخلاف هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهل أرّق الصالحين وأقض مضاجع المتقين إلا أنهم يخافون أن يُمنعوا من دخول الجنة وهل عاش الأنبياء والمرسلون وأتباعهم من الأخيار عبر الدهور والعصور إلا وهم يسألون الله جل وعلا أن يدخلهم الجنة وهل خير المصطفي صلى الله عليه وسلم عند موته حتى يتسنى له البقاء والخلد في الدنيا بأعظم من أن يقال له الخلد في الدنيا ثم الجنة فإختار صلى الله عليه وسلم لقاء ربه ثم الجنة وهل وعد الله جل وعلا عباده الأبرار وأتباعه الأخيار ممن آمن به من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة.
بعطاء هو أعظم أو أجل من الجنة، وهل عاقب الله جل وعلا أحد ممن عصاه بأعظم من حرمانه من دخول الجنة أعاذنا الله و إياكم من الخذلان والحرمان، فالجنة خلقها الله جل وعلا في ظاهر أقوال العلماء وظاهر القرآن خلقها الله جل وعلا بيده وهي الدار التي أعدها الله تبارك وتعالى لأوليائه وأهل طاعته، وقد إختلف العلماء في الجنة التي أدخلها الله جل وعلا أبانا آدم عليه السلام يوم خلقه قال الله جل وعلا في سورة البقرة " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " فقال كثير منهم إن المقصود بها جنة المأوى وهي جنة الخلد التي وعدها الله جل وعلا عباده المتقين بعد بعثهم، وقال آخرون من أهل العلم من أهل السنة وغيرهم قالوا، إنها ليست جنة الخلد وليست جنة المأوى التي وعدها الله جل وعلا عباده بعد البعث ولكنها جنة إما في السماء الدنيا وإما في الأرض.
واستدلوا على ذلك بأمور منها، أن الله جل وعلا أخرج آدم منها وقالوا الأصل أن الجنة دار خلد فكيف أُخرج آدم منها؟ وقالوا ضمن أدلتهم أن الله جل وعلا كلف فيها آدم وإبتلاه بأن لا يأكل من الشجرة والجنة الأصل أنه لا تكليف ولا إبتلاء فيها، وقالوا إن الشيطان دخل إليها فوسوس إلى آدم والأصل أن الشيطان لا يدخل الجنة، إلى جملة من الأدلة و البراهين عندهم، والظاهر والله أعلم أن كل ذلك جرى بقدر الله ولا نجزم به والأظهر الذي دل عليه القرآن أنها جنة الخلد لأن الله عز وجل قال" وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " والألف واللام فيها للعهد وليس في عهد من يقرأ القرآن وذهنه إلا أنها جنة الخلد إذ لم يذكر القرآن جنة غيرها في كلام الله جل وعلا، وكما أن من جملة الأدلة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم في الصحيح أخبر.
" أن أهل الموقف من أهل الجنة يوم القيامة من المؤمنين يأتون أباهم آدم فيقولون، يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول آدم عليه السلام وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم" فظاهر قوله صلي الله عليه وسلم " وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم " أنها جنة المأوى التي وعدها الله جل وعلا عباده وأيا كان الأمر فإن المسلمين متفقون على أن الجنة التي وعدها الله عباده المؤمنين هي جنة المأوى وجنة الخلد في السماء السابعة وأنها مخلوقة موجودة الآن قدر الله لها أنها لا تبيد ولا تفنى .
التعليقات الأخيرة