• مصر
  • الثلاثاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥
  • أخر تحديث 09:05:51 PM
news-details
مقالات

نبذ الابن لأمه

نبذ الابن لأمه


تلد الأم، تربي، تعلّم، وتنسى ذاتها في سبيل أبنائها.
ترفعهم إلى قمّة النجاح رغم تمرّدهم ورفضهم للعلم.
يحاولون استسهال الحياة بأعمال بسيطة، لا تسدّ رمقًا ولا تفي عطشًا.

وحين ينالون العلم والمعرفة، كانت هي قبلهم ومعهم: بتعبها، بمالها، بعرقها…
ثم يتركونها، يمضون بعيدًا.

هي العين الساهرة، الحارسة، الدافعة والمدافعة عنهم ولهم…
لكنها تكبر، تشح مواردها، تبدأ تقتّر لتستمر،
في حين يعيش أولادها في قمة الفرح، يصرفون ويتصرّفون بلا وازع،
متناسين أنّ أمهم تعيش على الحدّ الأدنى.

مصروف جيب أحد أبنائهم يفوق أضعاف ما تجنيه لتعيش وتعتاش منه.
أمراض الشيخوخة تنهشها… أين هم منها؟

إن أحسّوا بحاجتها، منهم من يعطيها كما يُعطى متسوّل،
ومنهم من يتنكّر لها بحجة أنّه "غير قادر".

وإذا مرضت، تداوي نفسها،
لكن إن احتاجت إلى مستشفى أو فحوصات، عندها يظهرون محبّتهم،
فيقسمون المبلغ المطلوب بينهم، وكأنها ضريبة مفروضة.

يتباكون أن مداخيلهم لا تكفيهم،
وإذا أخذت منهم، أحسّوا بالظلم!
بينما هم في المطاعم ودور التسلية…

للأسف أيتها الأم، كوني أنانية قليلًا.
امنحيهم ما شئت، فهو حقك وحقهم،
لكن الأحقّ أن تحفظي شيبتك وآخرتك.
لستِ متسوّلة، بل أمّ، وحق الأمومة عليهم أن يهتموا بك لا أن يتهرّبوا.

تقول الوصية: «أكرم أباك وأمك لكي يطول عمرك على الأرض».
لقد أكرمتِ أباك وأمك، وأكرمتِ إخوتك وأخواتك،
لكن حين رحلوا جميعًا… لم يعد أولادك يعرفونك إلا بالسلام وصباح الخير.

أيتها الأم، انسي وتناسي.
لا تقفي على باب ابنك أو ابنتك.
لن يعرفوا بوجودك إلا بعد موتك،
وحينها سيتباكون أمام الناس، يتقبّلون التعازي…
تعازي من؟ من كلّ ذي مصلحة معهم.

أمّا أنتِ، فلم تكوني تعنين أحدًا.
نامي نومتك الأبدية بين يدي الله الرؤوف الرحيم.

ليست الأم بحاجة إلى عطفٍ موسمي أو عطايا متقطّعة،
بل إلى قلبٍ واعٍ يدرك أن وجودها بركة،
وأن برّها ليس خيارًا بل وصيّة حياة.
من أهملها في شيخوختها، أهمل ذاته ومستقبله.
فكما نزرع في والدينا، يحصده أبناؤنا فينا.

ملفينا أبومراد
عضو إتحاد ألكتاب اللبنانين 
٢٠٢٥/٨/٢١

يمكنك مشاركته عبر

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا