• مصر
  • الثلاثاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥
  • أخر تحديث 04:30:07 PM
news-details
مقالات

لماذا لا يتوقف الصوت في رأسي؟ "جلد الذات".. محاكمة بلا رحمة تقودها عقولنا

لماذا لا يتوقف الصوت في رأسي؟ "جلد الذات".. محاكمة بلا رحمة تقودها عقولنا


بقلم: د. ولاء قطب – استشاري علم النفس الإكلينيكي
هل سمعت يومًا صوتًا داخليًا لا يكف عن لومك على كل خطأ، مهما كان بسيطًا؟ صوتًا قاسيًا يُعيد عليك مشاهد الإخفاق وكأنك مدان لا تستحق الغفران؟ هذا الصوت هو ما يُعرف في علم النفس بـ "جلد الذات"، حالة نفسية معقدة تُحوِّل العقل إلى قاضٍ قاسٍ، يحكم على صاحبه بالإحباط وفقدان الثقة.
جلد الذات ليس مجرد شعور عابر، بل هو آلية دفاع سلبية تُغذى على تراكم المشاعر والأفكار السلبية. إنه حالة من الهروب من مواجهة الحقيقة، ونتاج لفراغ عاطفي وفكري، وغياب للأمل. بدلًا من أن يدفعنا إلى الإصلاح والتقدم، يدفعنا إلى معاقبة أنفسنا على أخطاء الماضي. ويزداد الأمر سوءًا مع الخمول الجسدي، والضعف في مواجهة آراء الآخرين، ما يجعل الشخص فريسة سهلة لهذا السجن النفسي.
جذور المشكلة: من أين يأتي هذا الصوت؟
جلد الذات ليس ظاهرة تحدث من فراغ؛ بل له جذور عميقة تبدأ غالبًا في الطفولة. فالبيئة التي لا تُقدِّر أو تُشجع الطفل على التعبير عن ذاته، تُنشئ شخصًا يشعر دائمًا بأنه "غير كافٍ".
ومن أخطر أساليب التربية ما يُعرف بـ "التربية الهليكوبترية"، حيث يراقب الأهل أبناءهم بشكل مفرط ويحمّلونهم عبء الكمال. هذا النمط يُنتج جيلًا هشًا، يخشى الفشل ويُصاب بـ "عقدة الحساسية المفرطة للخطأ"، فيتحول أي إخفاق بسيط إلى مأساة حقيقية.
وهناك سبب آخر لا يقل أهمية وهو "هوس الكمال". فبعض الأشخاص لا يقبلون أي خطأ أو تقصير من أنفسهم، وهذا السعي المحموم نحو المثالية يخلق ضغطًا داخليًا هائلًا، يجعلهم يرون أنفسهم دائمًا ناقصين، مهما بلغوا من نجاح.
ولا ننسى المعتقدات الراسخة التي تتشكل في وعينا منذ الصغر. نحن نُولد بصفحة بيضاء، لكن ما نراه ونسمعه من الآخرين، وما يُقال لنا عن أنفسنا، يشكل قوالب نحاكم بها أنفسنا طوال حياتنا. وإذا كانت هذه المعتقدات سلبية، فإننا نعيش أسيرين لها دون أن نمنح أنفسنا فرصة التحرر منها.
طريق النجاة: كيف نخرس هذا الصوت؟
أول خطوة نحو التحرر من سجن جلد الذات هي الوعي. إدراك أن هذه الأفكار ليست حقائق مطلقة، بل هي تراكمات نفسية يمكننا تفكيكها ومناقشتها. هنا يأتي دور الاستبطان النفسي، وهي رحلة داخلية شجاعة للبحث عن جذور الألم، والتحاور بصدق مع الذات.
قبول الذات ليس معناه الرضا عن العيوب، بل هو احترام حقيقي لشخصك، بإيجابياته وسلبياته، بنجاحاته وخيباته. إنه بداية طريق التعافي.
وإذا وجدت صعوبة في تجاوز هذه الحالة بمفردك، لا تتردد في طلب المساعدة المتخصصة. فالطبيب النفسي هو المرشد الذي سيضع بين يديك الأدوات اللازمة لتفهم مشاعرك وتغير أفكارك، لتعيد السلام والثقة إلى حياتك.
إذا كنت تبحث عن فهم أعمق لمشاعرك، أو تحتاج إلى مساعدة لتغيير أفكارك السلبية، يمكننا في مركز د. ولاء قطب أن نكون معك في هذه الرحلة.

يمكنك مشاركته عبر

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا