• مصر
  • الثلاثاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥
  • أخر تحديث 07:39:50 AM
news-details
مقالات

اضطراب الهوية التفارقي: بين الواقع النفسي والتشكيك العلمي"

اضطراب الهوية التفارقي: بين الواقع النفسي والتشكيك العلمي"


بقلم. آلدكتوره:ولاء قطب استشاري علم النفس الإكلينيكيّ 

في عالم الطب النفسي، يبرز اضطراب الهوية التفارقي (Dissociative Identity Disorder - DID)، والذي كان يُعرف سابقًا باسم "اضطراب تعدد الشخصيات"، كواحد من أكثر الاضطرابات النفسية إثارةً للجدل، سواء من حيث التشخيص أو الأسباب أو حتى طرق العلاج.
يُعرّف هذا الاضطراب بوجود شخصيتين أو أكثر داخل الفرد الواحد، تتناوب السيطرة على سلوكه ووعيه، مع فجوات في الذاكرة لا يمكن تفسيرها بالنسيان الطبيعي. ويصاحب هذا الاضطراب غالبًا مشكلات نفسية أخرى مثل الاكتئاب، اضطراب الكرب ما بعد الصدمة، اضطرابات الإدمان، إيذاء النفس، واضطراب الشخصية الحدي.
جذور مبكرة ومعاناة صامتة
تُشير الدراسات إلى أن نحو 90% من المصابين باضطراب الهوية التفارقي لديهم تاريخ من الصدمة أو الإساءة في الطفولة، بما في ذلك الإيذاء الجسدي أو الجنسي أو العاطفي. كما تُرجح بعض الفرضيات دور العوامل الوراثية، أو التعرض لتجارب صادمة مثل الحروب أو الأمراض المزمنة في الطفولة.
في المقابل، ظهرت فرضيات بديلة تشكك في وجود هذا الاضطراب ككيان مستقل، وتزعم أنه قد يكون ناتجًا عن تقنيات علاجية معينة، مثل التنويم المغناطيسي، أو بسبب تأثير الإعلام وطريقة تصويره لهذا الاضطراب، مما قد يؤثر في إدراك المرضى لحالتهم أو حتى تشخيص الأطباء.
علاج معقد ونقاشات لا تنتهي
يعتمد العلاج في الغالب على الدعم النفسي وجلسات الاستشارة طويلة المدى، لكن التقدم في الحالة يكون بطيئًا، وغالبًا ما تستمر الأعراض لسنوات إن لم تُعالج. ويُعتقد أن اضطراب الهوية التفارقي يصيب نحو 2% من عموم السكان، ويظهر في 3% من الحالات النفسية التي تُعالج في المستشفيات في أوروبا وأمريكا الشمالية.
ومن الملاحظ أن النساء أكثر عرضة بست مرات للإصابة به مقارنة بالرجال، كما شهدت العقود الأخيرة ارتفاعًا حادًا في أعداد الحالات المشخّصة، وكذلك في عدد "الشخصيات" التي يبلغ عنها المرضى، وهو ما أثار تساؤلات إضافية حول طبيعة الاضطراب وتشخيصه.
بين العلم والمحكمة
لا يقتصر الجدل حول اضطراب الهوية التفارقي على المجتمع الطبي فحسب، بل يمتد إلى الأنظمة القانونية، حيث تم استخدامه في بعض القضايا الجنائية كدفاع ناجح نادرًا ضمن "الجنون القانوني".
وعلى الرغم من التقدم في فهم الاضطراب، لا تزال الشكوك تحوم حول أصل الحالة، ومدى تأثرها بالتدخلات العلاجية أو التغطيات الإعلامية، ما يضع الباحثين والمعالجين أمام تحدٍ مستمر لفهم طبيعتها وتحديد أفضل طرق التعامل معها.

يمكنك مشاركته عبر

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا