الفصل الثاني}}(((((( القاعدة الأولى)))))))
الفصل الثاني}}(((((( القاعدة الأولى)))))))
كان الليل قد تمدد ك ستارة سوداء كثيفة تحجب كل ما وراءها المدينة غارقة في صمت ثقيل لا يقطعه سوى صفير الريح العابثة في الأزقة الضيقة وهدير متقطع لعربة بعيدة تلقي بظلها على الأرصفة المبتلة . في ذلك الركن المعزول من الشقة جلس آدم وحيدا، ينظر إلى الكتاب الذي صار محور أفكاره منذ اللحظة التي حمله فيها من عم علي ومن ذلك الصوت الذي تردد داخله
الكتاب مسجى فوق المكتب الخشبي الصغير غلافه الجلدي الداكن يوحي بقدم ضارب في الزمن كأن بين طياته قرونا من الأسرار.
لم يستطع آدم أن يقاوم الرغبة في فتحه على الرغم من تلك العبارة التي التقطها بوضوح في الصفحة الأولى: "القاعدة الأولى:
(( لا تفتح الكتاب بعد منتصف الليل))
كانت الساعة قد تجاوزت الثانية عشرة بربع ساعة حين استسلم لفضوله، وكأن شيئا أكبر من إرادته كان يدفعه دفعا نحو المصيدة.
أمسك بالكتاب بيديه المرتعشتين وشعر ببرودة تسري في أطراف أصابعه برودة ليست من هذا العالم. فتح الغلاف على مهل فتدفقت رائحة نفاذة تشبه مزيجا من الورق المحترق والعفن والرطوبة القديمة.
أغمض عينيه للحظة كأن أنفه لم يحتمل الهجوم ثم عاد ليتفحص الصفحات.
في البداية لم ير سوى سطور مشوشة خطوط متشابكة بلغات لا يعرفها رموز هندسية غريبة تتوزع على الهوامش بعضها يشبه المثلثات المتداخلة وبعضها دوائر مكتظة بأحرف مبعثرة. قلب صفحات أخرى فإذا بالرموز تتغير لكن لا معنى واضح.
ثم توقف فجأة. عيناه استقرتا على جملة كتبت بخط مغاير أوضح وأشد رسوخا:
************* قواعد اللعبة بقلم أنور شوشة***********
"لقد كسرت القاعدة الأولى."
تراجع في مقعده أحس بالدم يجمد في عروقه. حاول أن يقنع نفسه أن عينيه تخدعانه أن ما يراه مجرد هلوسة بفعل الإرهاق أو سوء الإضاءة. لكنه حين أغلق الكتاب بعنف ثم أعاد فتحه وجد الكلمات ذاتها ثابتة في مكانها كأنها محفورة في الورق.
هبت ريح باردة من نافذة مفتوحة قليلا فانطفأ المصباح فجأة غمر الظلام الغرفة ولم يبق سوى وهج خافت يتلوى من شمعة صغيرة على طرف المكتب. لوهلة ظن أن التيار الكهربائي انقطع لكن قلبه كان يخبره أن الأمر ليس كذلك.
سمع همس خفيف في زاوية الغرفة كنفس الصوت الأنثوي الناعم يتنفس اسمه:
آدم ....ٱ...د....م
بقلم
أنور شوشة
التعليقات الأخيرة