وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم
وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد إن الإفتراء على الناس وإتهامهم بالباطل من أجل مصالح شخصية هو من كبائر الذنوب، وقد وصفه الله سبحانه وتعالى بالعظيم، وهو ظلم عظيم يسبب أضرارا جسيمة في الدنيا والآخرة، ويجب على المسلم أن يتقي الله تعالي ويتجنب الإفتراء، لأن عاقبته وخيمة تشمل غضب الله عز وجل وتدمير سمعة الإنسان وعرضه في الدنيا، وعذابه في الآخرة، ومن خطورة الإفتراء في الإسلام.
أن وصفه الله بالعظيم، حيث قال تعالى " إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " وكما وصفه الله تعالي بالظلم العظيم وكما أن إفتراء الكذب والإتهام بالباطل هو من أشد أنواع الظلم، وكذلك كان إفتراء اليهود مع نبي الله موسى عليه السلام، حيث يقول الله تعالي " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها " وقصة الآية ذكرها النبي المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه إن موسى كان رجلا حييا ستيرا، لا يرى من جلده شيء إستحياء منه كان يبالغ في التستر لا يريد أن يرى أحد شيئا من جلده، قال فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده إما برص وإما أدرة أي بمعني إنتفاخ في الخصيتين.
وإما آفة، وإن الله تعالي أراد أن يبرأه مما قالوا إتهموه بذلك العيب، إنه شيء مشين جدا أن يتكلموا بهذا المستوى المنحط، لكن هذه أخلاق بني إسرائيل وإن الله أراد أن يبرأه مما قالوا لموسى، فخلا يوما وحده أي موسى عليه السلام فوضع ثيابه على الحجر وهو بعيد عن الناس ثم إغتسل، فلما فرغ، أي من إغتساله، وصار أنظف ما يكون أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه معجزة، جرى الحجر بثوب موسى عليه السلام فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر أي يجري وراءه فجعل يقول ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى إنتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجرأي توقف عن الحركة فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا وهذا الوحي الذي يوحى.
أخبرنا كم عدد تلك الضربات، أو الأثر الذي تركته تلك الضربات في الحجر، وهكذا إتهموا نبيهم بهذه الأدرة، وبرأه الله تعالي مما قالوا، وهكذا يتهم الأبرياء، بعيب في الجسد، أو بعيب في الدين، أو بعيب في العقل وهم أبرياء، تهم باطلة، فيا عباد الله قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن من أربى الربا الإستطالة في عرض المسلم بغير حق، إطالة اللسان في عرض المسلم والوقيعة فيه بقذف أو سب بغير حق، بالباطل، قال أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال إن كان فيه ما تقول فقد إغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته، فالبهتان هو الكذب العظيم يبهت فيه من يقال في حقه، ويبهت البريء ويبهت عندما يسمعه عن نفسه، وشهادة الزور أين هي؟ في النار، وما هو واجبنا؟ هو الدفاع عن إخواننا، حيث قال صلي الله عليه وسلم " من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة" حديث صحيح.
وفي رواية قال صلي الله عليه وسلم " كان له حجابا من النار" ثم لا نقبل الأخبار على عواهنها، ونأخذ الأمور دون تبين وتحقق، والله عز وجل قد ذكر في كتابه العزيز حد القذف ثمانين جلده، لمن يتهم ولا يأتي بشهداء، فيرمي بالفاحشة ولا يأتي بأربعة شهداء، فقال تعالي " فاجلوهم ثمانين جلده " وأولئك عند الله هم الكاذبون، وفي الوقت ذاته فإننا لا نتعامى عن الحقائق، وإذا قيلت الحقيقة بالأدلة والبيانات نعمل بها، وننصح المتهم، وننصح المذنب، ونعاقب المذنب إذا ثبت ذلك عليه، أما أن نبرئ كل الناس فلا، فإن منهم الفاجر، فإن منهم المعتدي والظالم، ولا بد من الأخذ على يديه.
التعليقات الأخيرة