• مصر
  • الثلاثاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥
  • أخر تحديث 07:39:46 AM
news-details
مقالات

اغتيال بعبوة لاصقة: حين يتحول الدم إلى دعاية انتخابية وورقة ضغط سياسي

اغتيال بعبوة لاصقة: حين يتحول الدم إلى دعاية انتخابية وورقة ضغط سياسي


بقلم/عدنان صگر الخليفه 

شهد المشهد العراقي، الذي اعتاد على الاغتيالات بكاتم الصوت في السنوات الأخيرة، تحولاً صادماً في الأسلوب باغتيال صفاء المشهداني، عضو مجلس محافظة بغداد والمرشح لمجلس النواب العراقي، عبر عبوة لاصقة ناسفة في منطقة الطارمية؛ هذا التحول لم يكن خياراً عشوائياً، بل هو رسالة صارخة ومناورة سياسية متعمدة تتجاوز الهدف المباشر للقتل لتخدم غايات أعمق تتعلق بـ "إعادة صناعة" المشهد السياسي القادم. المنطق يرفض أن يكون سبب الاغتيال هو مجرد حِدة خطاب المشهداني، فكثيرون غيره يمتلكون خطاباً أكثر جرأة وثقلاً سياسياً ومادياً ولم يتعرضوا لمثل هذا الاستهداف الصارخ، مما يؤكد على أن الاغتيال كان انتقائياً ومتعمداً لاستهداف الضحية المناسبة سياسياً وانتخابياً في التوقيت الحرج، لخدمة أهداف استراتيجية لاحقة لا تتعلق بالانتقام بقدر ما تتعلق بالاستثمار السياسي، فالجهة التي تعاني من كثرة الاتهامات والضغوط لا يمكنها أن تنفذ عملية "كاملة الوضوح" تشير إليها بوضوح بأصابع الاتهام، بل إن هذا الوضوح مقصود من طرف آخر يستفيد من هذه الاتهامات. القادة الكبار الذين "يُؤذن لاختفائهم" من المشهد أو خفت ضياؤهم، وهم خبراء في صناعة الأزمات، يفتقرون إلى الجرأة للمخاطرة بأنفسهم، فيلجؤون إلى "الاستهداف بالوكالة" أو "التضحية بالتابع"؛ حيث يتم اختيار شخصية صاعدة وذات رمزية نقية وموقع مؤثر كالمشهداني، مما يجعل موته يولد أقصى درجات التعاطف والغضب الشعبي، لتتحول هذه الخسارة الفردية إلى "رأسمال عاطفي" ضخم. هذا الدم يُستخدم كمادة خام للدعاية الانتخابية، حيث يروج القائد لنفسه بأنه المدافع الوحيد الذي يتحمل الاستهداف المتواصل نيابة عن أهله ومجتمعه، وبالتالي يجب أن يبقى ويصعد، وهو ما يؤدي إلى صعود سريع ومباشر عبر "المظلومية"؛ إذ يضمن هذا التوظيف المتقن للعنف حصول كتلته على مقاعد إضافية ومواقع سياسية أكبر في المرحلة القادمة، بحجة "الدفاع عن دماء الشهداء" و "حماية المكون المستهدف"، لتصبح هذه الجريمة، بكل أسف، دليلاً صارخاً على أن الاستغلال المفرط والمتعمد للعنف هو تذكرة عودة للقادة المهددين بالزوال، واستراتيجية بارعة لضمان البقاء في دائرة النفوذ والتحكم.

يمكنك مشاركته عبر

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا