• مصر
  • الثلاثاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥
  • أخر تحديث 07:53:25 AM
news-details
مقالات

صور الجدال المذموم

صور الجدال المذموم


بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله تعالى نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن أصدق الحديث كلام الله عز وجل، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير والكثير عن المجادلة وعن الخطورة التي تأتي من وراء المجادلة، وقد ذكر الإمام النووى رحمه الله بعض صور الجدال المذموم التى ربما تغيب عن أذهان البعض حيث قال فإن قلت لا بد للانسان من الخصومة لإستبقاء حقوقه، فالجواب ما أجاب به الإمام الغزالي هو أن الذم المتأكد إنما هو لمن خاصم بالباطل أو بغير علم. 

كوكيل القاضي فإنه يتوكل في الخصومة قبل أن يعرف أن الحق في أي جانب هو فيخاصم بغير علم، وكما يدخل في الذم أيضا من يطلب حقه، لكنه لا يقتصر على قدر الحاجة، بل يظهر اللدد والكذب للإيذاء والتسليط على خصمه، وكذلك من خلط بالخصومة كلمات تؤذي، وليس له إليها حاجة في تحصيل حقه، وكذلك من يحمله على الخصومة محض العناد لقهر الخصم وكسره، فهذا هو المذموم، وأما المظلوم الذي ينصر حجته بطريق الشرع من غير لدد وإسراف وزيادة لجاج على الحاجة من غير قصد عناد ولا إيذاء، ففعله هذا ليس حراما، ولكن الأولى تركه ما وجد إليه سبيلا، لأن ضبط اللسان في الخصومة على حد الإعتدال متعذر، والخصومة توغر الصدور، وتهيج الغضب، وإذا هاج الغضب حصل الحقد بينهما، حتى يفرح كل واحد بمساءة الآخر، ويحزن بمسرته. 

ويطلق اللسان في عرضه، فمن خاصم فقد تعرض لهذه الآفات، وأقل ما فيه إشتغال القلب حتى إنه يكون في صلاته وخاطره معلق بالمحاجة والخصومة فلا يبقى حاله على الإستقامة، ومن ثم فإن الجدال على النحو مجلبة للعداوة وذريعة للكذب وبابا من أبواب الفتنة وإتباع الهوى وسببا من أسباب التفكك الإجتماعى من جراء التعصب الذى يؤل الى التنابز والتنافر وتنامى الحقد والكراهية، ومن آثاره أيضا هو تغليف القلب بالقسوة ونزوع الخشية وكراهية الحق فى جانب المغلوب وتنامى الغرور والكبر فى جانب الغالب فضلا عما يجلبه للنفس من هم وغم من حيث أنه شهوة للنفس إذا ثارت لابد من إشباعها وإلا أصابت صاحبها بالتوتر والقلق اللذان يؤلان الى الكدر والحزن، وقال الإمام النووى رحمه الله قال بعضهم ما رأيت شيئا أذهب للدين ولا أنقص للمروءة ولا أضيع للذة. 

ولا أثقل للقلب من الخصومة، وقال عبدالله بن حسين بن علي رضي الله عنهم المراء رائد الغضب فأخزى الله عقلا يأتيك بالغضب "  والآن يلوح فى الافق سؤالا وهو كيف تعامل الإسلام مع هذه الظاهرة ؟ واعلموا أولا يرحمكم الله أن الأصل فيه الذم وهو ما عليه أكثر النصوص، لذلك فقد حذرت النصوص القرآنية منه أيما تحذير ونفرت منه أشد تنفير ودعت كذلك لمجانبة أهل الأهواء وعدم الخوض معهم فى جدال لا يرجى منه خير، وقد جعل النبى صلى الله عليه وسلم الجدال علامة الضلال بعد الهداية ومؤشر الإنحراف عن الجادة لما يترتب عليه من آثار موبقة ونتائج مهلكة، وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك الرجل التى لا تهدأ عنده غريزة الجدال بل تظل ثائرة لأتفه الأمور و يشتد في خصومته ويجادل حتى يجدل خصمه ويقهره بأنه والعياذ بالله الأبغض الى الله تعالي. 

وقد توعد النبى المصطفي صلى الله عليه وسلم ذلك الصنف الذى يصر على الجدال فى الباطل رغم علمه به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع" ويدخل فى الوعيد المحامى الذى ينوب عن المبطل وهو يعلم أنه مبطل، وإن ما سبق من نصوص يتعلق بالنوع المحظور.

يمكنك مشاركته عبر

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا