• مصر
  • الثلاثاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥
  • أخر تحديث 07:42:08 AM
news-details
مقالات

المبعوث الأمريكي مارك سافايا: مهندس "الثوب الصوري" الذي أتى به ترامب لإدامة النظام الفاسد

المبعوث الأمريكي مارك سافايا: مهندس "الثوب الصوري" الذي أتى به ترامب لإدامة النظام الفاسد


بقلم/ عدنان صگر الخليفه 

لم يكن تعيين مارك سافايا مبعوثاً خاصاً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العراق مجرد خطوة دبلوماسية تقليدية، بل يمثل مفصلاً في استراتيجية واشنطن الجديدة التي تركز على ضبط الإيقاع بدلاً من حسم الصراع أو إحداث تغيير حقيقي لصالح الشعب العراقي. إن التحليل العميق لمهمة هذا المبعوث، ذي الأصول العراقية، يكشف عن هدف لا يلامس طموحات العراقيين في السيادة والبناء والتنمية، بل يؤكد على استراتيجية متجذرة في السياسة الأمريكية، قوامها إدارة الأزمة والتعامل مع النخب الفاسدة عبر عملية تجميل صورية واسعة النطاق. تنطلق فرضيتنا من أن دور المبعوث منصب بالدرجة الأولى على رسم السياسات الداخلية لهذه الحكومات والأحزاب الفاسدة وضبط إيقاعها لا العمل على تغييرها. ففي الوقت الذي تتحدث فيه واشنطن عن محاربة الفساد ودعم الدولة المستقلة، نرى الأحزاب ذاتها، التي يطالب العراقيون بالخلاص منها، تعمل على توسيع ساحتها السياسية بقوة، مستغلة المال السياسي لشراء الأصوات وإيهام الشعب بأنهم قادة المستقبل. هذا التناقض الصارخ لا يثبت سوى كذب الولايات المتحدة في إيجاد أجندة حقيقية للتغيير، بل يؤكد أن الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب (الفائز بانتخابات عام 2024)، تفضل التعامل مع الاستقرار المتحكم الذي توفره هذه النخب، على الدخول في فوضى تغيير جذري غير محسوب يهدد مصالحها الإقليمية، لا سيما في ملف التوازن مع النفوذ الإيراني. إن جوهر مهمة سافايا يكمن في تطبيق ما يشبه "نظرية الثعلب في قفص الأغنام". فوجود هذا المبعوث، بصفته قوة ضغط إعلامي وسياسي، يهدف إلى تخويف الأطراف السياسية متى شاءت الإدارة الأمريكية، لضمان عدم خروجها عن النص المرسوم. هذا الترويض يتم عبر آليات الضغط الناعم، وأهمها استخدام المبعوث كـ غطاء فولاذي يُلبَس لبعض الشخصيات التي كانت بالأمس القريب على قوائم الإرهاب أو الملاحقة، لتتحول فجأة إلى "شخصيات فولاذية" تدعمها واشنطن، وتستحق الاحترام لكونها الآن ترتدي "ثياب المدنية والحق المطلق" التي جلبها المبعوث معه. هذه الثياب الجديدة ما هي إلا مجموعة من الشعارات البراقة عن "العراق العظيم" والشراكة الاستراتيجية التي يروج لها مارك سافايا، لتغليف جوهر الفساد والتبعية. ولإنجاح هذا الدور، فإن العمل يتم عبر أجندة إعلامية مُضخَّمة يشارك فيها المدونون والمؤثرون الموالون للأحزاب. دورهم هو تضخيم اللقاءات، وتفخيم دور المبعوث، وربط حلفاء المنظومة الفاسدة بصورته، بهدف إيجاد تخدير متكامل لعقول الشعب العراقي. هذا التخدير يهدف إلى إيهام الشارع بأن هناك عملية تغيير جادة قادمة من الخارج، مما يخدم السياسيين المراد دفعهم نحو القمة، ويضع ضغطاً على المعارضين. والنتيجة المتوقعة لهذا الجهد الإعلامي والسياسي هي أن العراقيين لن يستفيدوا من سيادة أو بنية تحتية أو ماء، بل سيظل مصيرهم مرتبطاً بـ ضبط إيقاع الأحزاب المتحكمة التي راهنت واشنطن على أن الشعب، بعد كل ما عاناه من قمع وإرهاب وفساد بعد الاحتلال، قد أصبح خانعاً ومتعلماً على حناء الرأس وقبول أي تسوية صورية تُفرض عليه من قبل القوة العظمى. وبالتالي، فإن المبعوث الأمريكي هو أداة لرسم السياسات الداخلية وتدوير النخب لا لإحداث تغيير يخدم مصالح العراق وشعبه.

يمكنك مشاركته عبر

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا