السودان داخل المصيدة
السودان داخل المصيدة
بقلم أزهار عبد الكريم
ويظل المبدأ الثابت والراسخ عند الاحتلال هو فرق تسد
مبدأ التفرقة والتفجير من الداخل هو ما يعتمد عليه المحتل من أجل السيطرة على الدول ومقدراتها وخيراتها والاستحواذ على ثروات الدولة التي يحاول السيطرة عليها عن بعد
فيبدأ بتغذيه الإرهاب من أجل احداث منازعات داخلية وصراعات أهلية لينشغل بها الجيش النظامي للدولة، تاركاً التنمية والحفاظ على ثروات ومقدرات تلك الدولة لمن يطمع فيها
وهذا ما حدث للسودان
فبعد تقسيم السودان عام 2011
وصلت العلاقة بين جناحي المكون العسكري في السودان
البرهان وحميدتى إلى مستوى غير مسبوق من التوتر ادى لى مواجهة مسلحة مباشرة حيث حذر الجيش بقيادة البرهان من أن البلاد تمر بـمنعطف خطير بعد انتشار قوات الدعم السريع المسلحة في الخرطوم ومدن رئيسية وهنا يصبح الأمر خارجاً عن السيطرة ويتحول السودان إلى منطلق ومركز للجماعات الإرهابية ما يهدّد بصورة مباشرة الحالة السياسية والأمنية على الصعيدين الدولي والإقليمي
وخاصه إذا تدخلت أطراف إقليمية ودولية لدعم مليشيات الدعم السريع بقيادة حميدتى
ومن بين أهم اللاعبين في السودان، هي دولة الإمارات والتي وسّعت حضورها في السنوات الأخيرة في القرن الأفريقي
حيث يعود اهتمامها أولاً بمجال الاستثمارات الزراعية و التجارية الضخمة لزيادة التنمية داخل أبو ظبي حيث سعت إلى تمويلات مالية وعسكرية لدعم قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي الذي استخدمته الامارات سابقاً في عمليات عسكرية كبيرة في اليمن وليبيا ودارفور
وآخرها إرسال طائرة إماراتية لتمويل وتسليح مليشيا الدعم السريع التى تم تدميرها بالكامل داخل مطار نيالا
الحادث الذى فضح الدور القذر للإمارات في تمويل وتسليح مليشيات الدعم السريع وكشف حجم تدخلها السافر في حرب السودان .
الطائرة الاماراتية التي تم تدميرها فى السودان تُعرف باسم "سيدة الكرة الأرضية"، وهي من طراز Boeing C-17، أحد أغلى وأحدث الطائرات العسكرية في العالم، تتميز بأنظمتها التقنية المتقدمة وطولها الذي يبلغ 53 مترا، وتستطيع حمل ما يصل إلى 77 طنا من المعدات، بما في ذلك المدرعات وبعض أنواع المروحيات
حيث تم القضاء على 49 شخصًا من المرتزقة المدعومين إماراتيا كانوا على متنها من بينهم طاقم الطائرة وخبراء عسكريون وتقنيون وضباط متقاعدون من الجيش الكولومبي
إضافة إلى حمولة الطائرة وذلك بعد هبوطها مباشرة .
وليست الإمارات فقط هى من تدعم مليشيات الدعم السريع ولكن هناك لاعب آخر يجد مصلحته فى تقسيم السودان واستمرار الإرهاب بها وتفكيك جيشها وانخراطها وانشغالها بالحروب الأهلية وانهيار السلطة المركزية بها .
فنجد الكيان الإسرائيلي ينظر إلى الخرطوم على أنها بوابة إسرائيل إلى أفريقيا ..
فقد ركزت إسرائيل الاهتمام على مصادر المياة بحوض النيل والموانئ النفطية فى البحر الأحمر والمخزون الهائل من المواد الغذائية فهى مخزن الحبوب وقطاع الماشية وسلة غذاء لا تنتهي . ما يجعلها فى قلب الفكر الاستراتيجي الصهيوني
لذلك ركزت خطواتها نحو استغلال الموارد الزراعية والطبيعية لتوسيع نشاط الشركات الإسرائيلية في القارة ولتضع موطئ قدم لها بأفريقيا وعلى البحر الأحمر منافسة لأي محاولات استثمارية للسعودية ومواجهة النفوذ والاستثمار التركي.
كما تطمع الشركات الإسرائيلية ورجال الأعمال اليهود إلى التوغل بالسودان من خلال الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة والصحة والطيران والزراعة.
حيث تشجع المؤسسة الإسرائيلية الشركات اليهودية على تنفيذ هذه المشاريع من قبل مبادرات وشركات قطاع التجارة والأعمال الخاصة.
علاوة على الأنتاج النفطي فى موانئ البحر الاحمر وقربها جغرافيا من سد النهضة .
فالسودان في نظر اسرائيل هي جزء افريقي هام و أرباح اقتصادية هامة وهذا ما يفسر الدعم المسلح و اللوجستي من انظمة وتقنيات تجسس واسلحة متطورة التي تمنحها إسرائيل لفصائل و لقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي من أجل السيطرة على اهم المرافق الحيوية و المواقع الاستراتيجية بالسودان …
لذلك يتم دعم قوات الدعم السريع من أجل زعزعة الاستقرار وتفكك البلاد وتصاعد أعمال العنف ذات الطابع القبلي والانتقامي
بالأمس القريب أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة الفاشر عاصمة ولاية
شمال دارفور مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني في المدينة التي وقفت شاهدة على أعنف المعارك في السودان.
بعد حصار دام أكثر من 550 يوماً من الصراع الدموي لم تهدأ رحى القتال بين الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة من جهة . وقوات الدعم السريع من جهة أخرى في محاولة للسيطرة على الفاشر آخر معاقل الجيش في دارفور. بعد أن بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها على أربع من ولايات الإقليم الخمس.
وتكمن أهمية مدينة الفاشر في كونها حلقه وصل بين شمال ووسط وغرب دارفور
بالاضافة إلى كونها مركزاً تجارياً تاريخياً ومعبراً رئيسياً نحو ليبيا وتشاد ومصر.
تعتبر الفاشر قاعدة عسكرية مركزية للجيش فى الغرب ومقر لقيادة الفرقة السادسة مشاة
ويعد مطار الفاشر من أبرز المرافق الحيوية في الإقليم
إذ استخدم كقاعدة لوجستية لإمداد القوات الحكومية ومركزاً لتنسيق العمليات الجوية والبرية. كما أن مخازن السلاح والذخيرة داخل المدينة تزيد من وزنها العسكري في المعادلة الميدانية.
أن سقوط مدينة الفاشر يمثل تطوراً محورياً في مسار الصراع السوداني لما ترتب عليه من تداعيات عسكرية وإنسانية واسعة.
فقد أدى هذا الحدث إلى اكتمال سيطرة قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور الأمر الذي وفر لها عمقاً جغرافياً واستراتيجياً يمتد عبر حدود ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، ومكنها من إنشاء قاعدة عمليات مركزية لإدارة التحركات العسكرية غرب البلاد والتوسع نحو الوسط.
فى المقابل كان سقوط المدينة ضربة قاسية للقوات المشتركة من الحركات الدارفورية المسلحة، التي فقدت مركزها الرمزي والسياسي والعسكري الأبرز، وهو ما يُضعف من تماسكها وقدرتها على التأثير الميداني.
أما الجيش السوداني، فرغم احتفاظه بقدرات قيادة وسيطرة عالية إلا أن خسارته للفاشر تمثل انتكاسة معنوية كبيرة كونه فقد آخر معقل رئيسي له في دارفور.
برغم من ذلك صرح البرهان أن خسارة الفاشر والانسحاب منها لا يعتبر نهاية الصراع
نسأل الله السلامة للجميع
التعليقات الأخيرة