السودان بين المطرقة والسندان.. وطن يُسحق في صمت العالم
السودان بين المطرقة والسندان.. وطن يُسحق في صمت العالم
قلم الحقيقة عصران الراوي
ما يجري في السودان اليوم ليس مجرد حرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بل مأساة وطن يُسحق بين مطرقة السلطة وسندان الطموح بين من يملك السلاح ومن فقد كل شيء حتى القدرة على البكاء أكثر من عام ونصف من الحرب في السودان والدم والنار والخراب ولا أحد يريد أن يسمع صرخة السودان وكأن العالم أصيب بعمى متعمد وصمم انتقائي تجاه مآسي من لا يملكون أوراق ضغط أو ثروات تحرك المصالح
من الفاشر إلى الخرطوم إلى دارفور يتحول السودان كل يوم إلى جرح مفتوح في قلب القارة جرح لا يندمل لأن من حوله يتاجرون في النزيف مرة باسم الديمقراطية في السودان ومرة باسم السيادة ومرة ثالثة باسم المصالح المشتركة أما الحقيقة فهي أن لا أحد يريد لسودان موحد أن ينهض لأن قيامه يعني عودة التوازن في شرق إفريقيا وهذا لا يناسب كثيرين
قوات الدعم السريع في السودان التي تحولت إلى دولة داخل الدولة تبتلع المدن واحدة تلو الأخرى بينما القوات المسلحة السودانية تحارب بذاكرة الشرف العسكري لا بوسائل الحرب الحديثة والنتيجة مدن مدمرة ملايين نازحين وأطفال يولدون في العراء لا يعرفون معنى وطن سوى الخيام
الأسوأ من الحرب هو الصمت الصمت الإقليمي والدولي الذي يراقب المأساة بعدسات المصالح المجتمع الدولي يتحدث عن الأزمة الإنسانية في السودان بينما لا يتحرك لإنهائها مجلس الأمن منشغل بالبيانات المكررة والجامعة العربية تكتفي بالعبارات المنمقة والاتحاد الإفريقي يكرر نفس الدوران حول الحلول السلمية وكأن النيران يمكن أن تطفأ بالنوايا
الأوضاع في السودان اليوم كارثية بكل المقاييس لا ماء لا كهرباء لا غذاء والمستشفيات خرجت عن الخدمة والطرق مليئة بالنازحين الهاربين من الصراع المسلح في السودان والنتيجة مأساة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ الحديث
السودان اليوم ليس بحاجة إلى تعاطف ولا إلى مؤتمرات إنسانية تلتقط الصور ثم تنصرف بل إلى إرادة حقيقية توقف العبث إلى موقف عربي إفريقي موحد يقول للمتقاتلين كفى لأن سقوط السودان يعني انهيار العمق الجنوبي للعالم العربي وفتح بوابات جديدة للفوضى تمتد حتى البحر الأحمر
سيكتب التاريخ يوما أن السودان مات واقفا وأن شعبه قاتل الجوع والنزوح والخذلان في وقت واحد وأن العالم كله شاهده وهو يسقط ولم يمد له يدا لكن تبقى الحقيقة الثابتة أن الشعوب لا تموت حتى وإن غابت الأوطان مؤقتا والسودان سيعود يوما ربما من تحت الركام لكنه سيعود بوطن جديد لا مكان فيه لمن باعوه بثمن بخس من المناصب أو الذهب أو الوهم
التعليقات الأخيرة