(الانتخابات وتشكيل الحكومة )
علي مشال
جرت منذ شهر تقريبا الانتخابات النيابية العراقية لدورتها السادسة في التجربة الفتية التي يعيشها العراق بعد زوال النظام البائد، حيث اختلفت هذه المرة عن سابقاتها المعهودة، إذ شهدت غياب كامل لبعض القوى السياسية المدنية والتيار الصدري عن المشاركة فيها والذي لعب دورا رئيسيا في العملية السياسية منذ تأسيسها وحتى مقاطعته، ويبدو إن المقاطعة كانت بسبب رئيسي عنون تحت عنوان عدم الرضا عن الأداء السياسي لمن يتولى في التنفيذ والقرار، وهذا السبب قد لا يحدد من طرف دون اخر مالم يتم التفصيل فيه والنقاش ومعرفة الحيثيات التي تؤدي وادت اليه، كذلك فإن في هذه الانتخابات نزولا كبيرا لبعض القوى من خطوطها الأولى أو ما تسمى بالصقور للعملية السياسية للمشاركة فيها مما جعل المنافسة محتدمة شيئا ما بين هذه القوى التقليدية رغم معرفة المراقبين والمحللين بإعداد مقاربة للمقاعد التي ستحصل عليها هذه القوى والتي تسعى إليها بحسب جمهورها السياسي الذي يقف خلفها، مع ملاحظة بإن ضخ المال والكميات المصروفة كانت بواقع الاستفهام المؤثر على ذهن كل لبيب، لكن النسبة التي كانت فيها بحسب المفوضية العليا للانتخابات كانت مرضية ومخالفة عما مضى من النسب الموجودة في عمليات الاقتراع، إذ كانت في هذه المرة (٥٦%) من المجموع الكلي من الذين يحق لهم المشاركة في التصويت، وهذه بطبيعة الحال نسبة جيدة تضاهي الوصول إلى النسب الموجودة في الانتخابات التي تجرى في بعض البلدان، وبحسب النتائج المعلنة سريعا بعد إجراء هذه العملية التقليدية فإن هذه النسبة دلالة على الشرعية الكاملة لها، كذلك فإن النتائج أضفت بصورة كاملة على معرفة مزاج الناخب العراقي واستبيان واضح لهواه السياسي وفكره في طريقة تنظيم عمل الدولة وادارتها من قبل الحكومة القادمة، كذلك بينت القوى التقليدية المتنفذة وصعودها من جديد مع صعود اكبر من ذي قبل لبعض القوى التي تتصف بالمقاومة في هذه الانتخابات مما أعطاها سعة اكبر وتمدد أفضل من السابق، لكنه بالمقابل تم تأشير نوعية بعض المرشحين بأنها من علامات الردائة وعدم المعرفة الكافية التي تؤهلهم لخوض غمار هذه العملية مع ضعف واضح وجلي في البرامج المطروحة وكثرة غير محدودة في شبكات شراء الأصوات ولو كانت بصورة مغايرة وجديدة هذه المرة عبر مسمى الركائز، ومن الوهم بإن نقول بإن الانتخابات العراقية هي نهاية المرحلة وانتهاء اعلان النتائج بأنها كافية ومجدية للسير بتشكيل الحكومة الجديدة، إذ إن انتهاء الانتخابات هي بداية مرحلة جديدة وطويلة قد تكون بنقاشاتها واجتماعاتها من المفاوضات التي تجري من قبل الكتل السياسية في العراق، فقلب الصفحة لا يعني بالضرورة نسيانها أو شطبها بل هي واعز لغرض الانطلاق من جديد، وتشكيل الحكومة الجديدة هذه المرة أزمة جديدة ربما لم تكن في الخيار الذي تتفق عليها ورئاستها الكتل السياسية أو الكتلة الأكبر التي يتم انشائها، إذ إن وضع لجنة معينة لاختيار رئيس الوزراء وإطلاق معايير جديدة معينة وفتح باب الترشح لمن يجد في نفسه القدرة على ذلك كما تم مشاهدته من مبادرة بعض الشخصيات للجمهور بأنها لديها القدرة على إدراة البلد والسير به بطريقة تختلف عن الآخرين جعل من موقع رئاسة الوزراء كأنه لقمة سائغة بيد الجميع يمكن لهم ان يتذوقوا ما فيه من حلاوة ومرارة تأتي عبر هضمه، وجعل وجود المكون الأكبر في البلاد وينظر إليه على إن بعض قواه السياسية لا زالت في طور عدم القدرة على الاعتراف بجدية قرارها في تحمل المسؤولية الكاملة عما سيحدث اذا ما ترشح احد من داخلها وتمت الموافقة عليه، إذ إن كثرة المرشحين والاسماء المطروحة تشير إلى الضعف وعدم تحمل المسؤولية، ناهيك عن إن هذه القوى في ظل الوضع الحالي يفرز لدى مراقبها بأنها كيف ستتعامل وفق هذه المعايير مع الضغط الإقليمي والدولي والذي يلعب دورا بارزا في عملية الخيار، خصوصا بإن الشرق الأوسط بعد الطوفان ليس كما قبله، إذ إن الواقع يفرض بإن هنالك توغلا اسرائيلياً في المنطقة ولحظة صهيونية تعيشها حكومة نتنياهو، وحكومات تتغير وشعوب في مختبر الترصد والحذر، فعلى هذا الأساس يُنظر هذه المرة لموقع رئاسة الوزراء بأنه الأكثر أهمية من التجارب السابقة والخيارات التي تتم اختيارها في الحكومات السابقة كون الحاضر يحدد لهذا البلد مستقبلا بمسار هادئ محافظ على التجربة التي ولدت في العراق او تفريطا بما تم تحقيقه من منجز .
التعليقات الأخيرة