news-details
مقالات

حقوق الانسانية = الانسان.

بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
بقلم الدكترو محمد عامر عبد الرحيم 
مستشار مفوضية الامم المتحدة لحقوق الإنسان
استشارى تدريب وتنمية الشباب 
يأتي اليوم العالمي لحقوق الإنسان، في العاشر من ديسمبر من كل عام، ليُجدد أمام العالم رسالة سامية جوهرها الكرامة الإنسانية، والمساواة، وسيادة القانون. فهو ليس مجرد مناسبة رمزية، بل هو محطة تذكير عالمية تُعيد التأكيد على أن حماية الإنسان — أي إنسان — هي أساس بناء مجتمع قوي، مستقر، وقادر على تحقيق التنمية الشاملة.

حقوق الإنسان… قيمة ثابتة لا تتجزأ
حقوق الإنسان ليست منحة من أحد، وليست هبة تُمنح أو تُسحب، بل هي حقوق أصيلة تولد مع الإنسان، كحقه في الحياة، والحرية، والعمل، والتعليم، والصحة، والعيش في بيئة سليمة، والمشاركة في صناعة القرار. وتؤكد المواثيق الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948، أن هذه الحقوق عالمية وغير قابلة للتجزئة، وأن احترامها واجب على الدول والمجتمعات، ومطلب لا يمكن الاستغناء عنه لتحقيق التنمية العادلة.

أهمية اليوم العالمي لحقوق الإنسان في عصرنا الحالي
في عالم يتغير بسرعة، وتتضاعف فيه التحديات، تبرز أهمية هذا اليوم في عدة نقاط أساسية:

ترسيخ الوعي بأن الإنسان هو محور التنمية، وأن أي نهضة اقتصادية أو سياسية لا قيمة لها إذا غاب عنها احترام الإنسان وصون كرامته.

تعزيز روح المسؤولية المشتركة بين الحكومات، والمجتمع المدني، والمؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام، للقيام بدورهم في نشر قيم العدالة والإنصاف.

المطالبة المستمرة بإزالة التمييز بكل أشكاله—سواء كان تمييزًا بسبب الجنس، أو العمر، أو اللون، أو الدين، أو الإعاقة، أو الوضع الاجتماعي.

تجديد الالتزام الدولي بحماية حقوق الفئات الأكثر احتياجًا: الأطفال، والنساء، وذوي الهمم، واللاجئين، وكبار السن.

دعم ثقافة السلام والتسامح في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات وصراعات تهدد أبسط حقوق الإنسان.

حقوق الإنسان والتنمية المستدامة
لا تنمية بدون إنسان حر، آمن، قادر على المشاركة. ولهذا وضعت الأمم المتحدة في أجندة 2030 للتنمية المستدامة مبادئ واضحة تؤكد أن احترام الحقوق هو الأساس لتحقيق أهداف التنمية في التعليم، والصحة، والبيئة، والمساواة، وبناء المؤسسات القوية.
فكلما زادت قدرة الأفراد على التعبير والمشاركة والابتكار… زادت قدرة المجتمعات على التقدم.

مصر ودعم حقوق الإنسان
تسعى الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة إلى تعزيز مسار حقوق الإنسان عبر خطوات واضحة، منها:

الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021–2026 التي وضعت إطارًا شاملًا لتعزيز الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

دعم حقوق المرأة وتمكينها في التعليم والعمل والمشاركة السياسية.

التوسع في برامج الحماية الاجتماعية التي تضمن حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجًا.

الاهتمام بذوي الهمم عبر مبادرات الرعاية والتأهيل والدمج المجتمعي.

هذه الخطوات تمثل امتدادًا لرؤية الدولة في تعزيز الكرامة الإنسانية كأحد ركائز الجمهورية الجديدة.

دور المجتمع والمؤسسات
احترام حقوق الإنسان ليس مسؤولية الدولة وحدها؛ بل هو عمل مشترك يقوم على:

1. التعليم والتوعية
غرس قيم التسامح، وعدم الإقصاء، واحترام التنوع داخل المدارس والجامعات.

2. الإعلام المسؤول
نشر ثقافة حقوق الإنسان وتقديم نماذج إيجابية تُعزز احترام الآخر.

3. المجتمع المدني
المساهمة في رصد الاحتياجات المجتمعية، وتنفيذ برامج الدعم، وتمكين الفئات الهشة.

4. الفرد نفسه
إدراك كل إنسان أن ممارسة الحقوق تتطلب منه أيضًا احترام حقوق الآخرين، وأن المجتمع القوي يبدأ من سلوكيات صغيرة: كلمة طيبة، مساعدة محتاج، احترام الاختلاف.

رسالة المقال 
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، نجدد التأكيد أن كرامة الإنسان هي حجر الأساس لأي مجتمع حضاري. وأن بناء دولة قوية لا يكون بالشعارات، بل بالالتزام الحقيقي بأن يعيش كل فرد في أمان، وحرية، وعدل، ومساواة.
ولعل هذه المناسبة تكون دعوة لنا — أفرادًا ومؤسسات — لأن نُعيد النظر في دورنا نحو تعزيز هذه الحقوق، وتحويلها من مبادئ مكتوبة… إلى واقع ملموس يعيشه كل إنسان.

يمكنك مشاركته عبر

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا