• مصر
  • الاثنين، ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٥
  • أخر تحديث 02:00:49 AM
news-details
مقالات

عين العجز ونفس اللؤم ودليل النقص

عين العجز ونفس اللؤم ودليل النقص

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن آفة الكذب والإفتراء، وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطبته لا يعجبنكم من الرجل طفطفته ولكن من أدى الأمانة، وكف عن أعراض الناس فهو الرجل، وقال أيضا كفى بالمرء عيبا.




أن يستبين له من الناس ما يخفى عليه من نفسه ويمقت الناس على ما يأتي" وقال بعض العلماء اعلم أن الغيبة مع تحريمها شرعا وعقلا هي عين العجز ونفس اللؤم ودليل النقص تأباها العقول الكاملة والنفوس الفاضلة لما فيها من إنحطاط الرتبة وإنخفاض المنزلة، وقال علي بن الحسين "الغيبة إدام كلاب الناس" وقال الحسن "يا ابن آدم لن تنال حقيقة الإيمان حتى لا تعيب الناس بعيب هو فيك وتبدأ بذلك العيب من نفسك فتصلحه فما تصلح عيبا إلا ترى عيبا آخر فيكون شغلك في خاصة نفسك" وقيل لربيع بن خيثم ما نراك تعيب أحدا ولا تذمه فقال " ما أنا على نفسي براضي فأتفرغ من عيبها إلى غيرها" وقيل لبشر بن الحارث رحمه الله يقولون إنك لا تحفظ الحديث، فقال "أنا أحفظ حديثا واحدا إذا عملت به فقد حفظت الحديث" وقال النبي صلي الله عليه وسلم. 




"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" حتى أفعل هذا وأحفظ الحديث، وقال طوق بن وهب دخلت على محمد بن سيرين وقد إشتكيت، فقال كأني أراك شاكيا، قلت أجل، قال إذهب إلى فلان الطبيب فإستوصفه، ثم قال إذهب إلى فلان فإنه أطب منه، ثم قال أستغفر الله أراني قد إغتبته، وقال الذهبي رحمه الله، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حرملة، سمعت ابن وهب يقول نذرت أني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما، فأجهدني فكنت أغتاب، وأصوم، فنويت أني كلما إغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم، فمن حب الدراهم تركت الغيبة، قلت الذهبي هكذا والله كان العلماء وهذا هو ثمرة العلم النافع، واعلموا يرحمكم الله أن الصدق سبيل النجاة، فقيل أنه كان هناك في إحدى البلاد غلام طيب إسمه يحيى يعيش مع أمه بعد موت أبيه، وهو طفل صغير، وتربى هذا الغلام في حجرها.




وهي من علمته الصدق في كل شيء فكان صادقا لا يكذب أبدا، وفي يوم من الأيام أراد هذا الغلام أن يسافر ليطلب العلم في إحدى البلاد المجاورة، وقبل سفره ذهب إلى أمه ليودعها فقالت له أمه يا يحيى أريدك أن تبايعني على الصدق فبايعها على أن يكون صادقا وألا يكذب أبدا، فخرج متوكلا على الله بعدما أخذ كتبه والقليل من الطعام، وقد أعطته أربعين دينارا فأخفاها تحت ملابسه حتى لا يراها اللصوص، فسافر مع إحدى القوافل المتجهة إلى تلك البلدة التي سيدرس فيها وبينما هم في الطريق إذ خرج عليهم اللصوص وسرقوا كل شيء في القافلة ولم يتركوا شيئا، وبعدما سرقوا كل شيء نظر كبير اللصوص فرأى يحيى واقفا فظل كبيرهم يسخر ويقول انظروا لهذا الفتى فملابسه قديمة جدا، ثم نادى على يحيى وقال له تعالى هنا يا فتى، فنظر إليه يحيى وهو يشعر بالخوف الشديد. 




ثم نادى عليه مرة أخرى وقال له قلت لك تعالى هنا تعالى وإلا قتلتك، فذهب يحيى إليه، وقال له نعم ماذا تريد مني؟ فضحك مقهقها وقال ليحيى هل معك أموال؟ فقال يحيى نعم معي أربعون دينارا أخفيتها تحت ملابسي، صمت كبير اللصوص ونظر ليحيى وهو يشعر بالغضب الشديد وقال ليحيى هل تسخر مني؟ معك مال كثير وتخبر به بهذه السهولة، ثم قال له الويل لك إن كنت تكذب علي وتسخر مني، فقال يحيى أنا لا أهزأ منك هذه هي الحقيقة فمعي أربعون دينارا، فنظر إليه كبير اللصوص والشر يبدو في عينيه، ثم هدأ وقال ليحيى سأفتشك وسنرى وإن عرفت أنك تكذب سأقتلك في الحال، ثم نادى على رجاله وقال لهم فتشوا هذا الفتى، فأسرع الرجال وفتشوا يحيى، فعثروا على النقود وأعطوها لكبيرهم، فعدّها فوجدها بالفعل أربعين دينارا، فتعجب وقال ليحيى. 



لماذا أخبرتني بالدنانير التي معك؟ وما الذي حملك على أن تصدق معي وأنت تعرف أني سأسرقها، فقال يحيى لأنني بايعت أمي على الصدق فلن أخون عهد أمي، فنظر إليه كبير اللصوص وبكى بكاء شديدا وقال أنت تخشى أن تخون عهد أمك وأنا أخون عهد ربي وأخيف الناس وأسلبهم أموالهم أشهدكم جميعا أني تائب إلى الله منذ هذه اللحظة، فأمر كبير اللصوص برد الأموال والأشياء التي سرقت ففرح الناس، وجاء اللصوص وقالوا له لقد كنت كبيرنا في السرقة وأنت اليوم كبيرنا في التوبة فقد تبنا جميعا إلى الله وهكذا ببركة الصدق نجا الغلام والقافلة وتاب الجميع.

يمكنك مشاركته عبر

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا