هذا له الجنة وهذا له النار
هذا له الجنة وهذا له النار
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أن العمل هو الآفة والصحة، وهو الشر والخير، والإنسان هو من يختار، فقد جعل الله تعالي له عينين ولسانا وشفتين وهداه النجدين، وعليه اقتحام العقبة، فلا نجاة إلا باقتحام هذه العقبة، والعقبة هو شح النفس وأمرها بالسوء، وسرعتها في الهلع والجزع، فإقتحام عقبة الشح بالصدقة وبفك الرقبة، والإطعام في يوم ذي مسغبة، يتيما ذا مقربة، أو مسكينا ذا متربة، وإقتحام عقبة سوء النفس
بالإيمان بالله واليوم الآخر، وإقتحام عقبة الهلع والجزع بالصبر، والمرحمة، فمن تجاوز هذه العقبة، واقتحمها تجاوز عقبة جهنم، وقيل أنه جبل في جهنم، واعلموا أن كل الناس يعملون، بالمؤمن يعمل، والموحد يعمل، والمخلص يعمل، والعادل يعمل، والصالح يعمل، والكافر يعمل، والمشرك يعمل والمنافق يعمل والظالم يعمل والفاسق يعمل، لكن شتان ما بينهما، في الموضوع والجزاء، فهذا عمل لله، وهذا عمل لغير الله، وهذا أراد الآخرة، وهذا أراد الدنيا، هذا له الجنة، وهذا له النار، هذا هو الفرق، لا غير، وقيل رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه راهبا من النصارى، معتزلا في صومعة يتعبد، فبكى وقال "رأيت هذا فتذكرت قوله تعالى " عاملة ناصبة تصلى نارا حامية " لأنه كان يعمل لغير الله تعالى، ويقول تعالي " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا"
وكان عبد الله بن جدعان رجلا سخيا، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها "يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية، يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال لا ينفعه، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين" رواه مسلم، ولا ينجو إلا العامل لله تعالى وحده، فلا العمل وحده ينفع، ولا الإخلاص وحده ينفع، والناس صنفان، صنف يعمل ولله عمله، فهذا المفلح الفائز، وصنف يعمل ولغير الله عمله وهذا الخاسر، فالعامل لله له أجر الدنيا وله أجر الآخرة، وأما العامل لغير الله تعالى، فلا ندري ما له ؟ أما الآخرة فلا نصيب له فيها وأما الدنيا فقد، وقد، وقد يكون له فيها نصيب، وقد لا يكون له فيها نصيب، ففي آية من القرآن أخبر أن له نصيبا كاملا، مستوفى بغير بخس، وفي أخرى أخبر أن له بعض النصيب لا كله، وفي ثالثة أن ليس له أي شيء.
فقال الله تعالى في الأولى " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون" فهذه حالة الوفاء الكامل، من غير بخس، وأما حالة النصيب القليل فقال تعالى فيها " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب " فقال " نؤته منها " وأما حالة الخسارة الكاملة، لا ينال أجر دنيا، ولا آخرة، فقال تعالى فيها " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا" فليس كل من أراد الدنيا ينالها، بل منهم من لا ينال شيئا، ولذا قال تعالي " لمن نريد " فثمة من لا يريد الله أن يعجل له شيئا من الدنيا، ولو سعى لأجلها، ومن عجل له فلا يعجل له كل ما يرجو.
بل بقدر ما شاء الله تعالى " عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد " إذن لم يعد الحكم كما كان في الأول حالة الوفاء الكامل، لكل من عمل للدنيا، بل صار إلى الحالة الثانية حالة النصيب القليل، ثم صار إلى الحالة الثالثة والأخيرة، واستقر عليها حالة الخسارة الكاملة، فمن طلب الدنيا، وعمل لغير الله تعالى هو مهدد بحرمان الدنيا نفسها، التي سعى لأجلها، كما حرم أجر الآخرة ولأجل ذا جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الآية "ما نشاء لمن نريد" ناسخة لآية " نوف إليهم أعمالهم فيها" فاللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وانصرنا على من عادانا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا اللهم آمين يا رب العالمين.
التعليقات الأخيرة