الحرص على التوسط في العبادة
الحرص على التوسط في العبادة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وبعد ذكرت المصادر الإسلامية أنه كان الحسن بن صالح يقوم الليل هو وجاريته فباعها لقوم فلما صلت العشاء إفتتحت الصلاة فما زالت تصلي إلى الفجر، وكانت تقول لأهل الدار كل ساعة تمضي من الليل يا أهل الدار قوموا، يا أهل الدار قوموا، يا أهل الدار صلوا، فقالوا لها نحن لا نقوم إلى الفجر، فجاءت إلى الحسن بن صالح الذي باعها وقالت له بعتني لقوم ينامون الليل كله وأخاف أن أكسل من شهود نومهم، فردها الحسن رحمة بها ووفاء بحقها، ولقد أصبحت لبعض سلف الأمة مع العبادة عشرة.
حتى يذرف بعضهم الدموع على فراقها إذا الموت قاربه، فإنه لما احتضر الموت العابدة أم الصهباء بكت، فقيل لها مم تبكين ؟ فقالت بكيت حينما تذكرت مفارقة الصيام والصلاة والذكر، بل كانوا يتهمون أنفسهم بالذنوب إذا ما أصابهم الكسل عن العبادة، فقال الثوري "حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته" وجاء رجل للحسن البصري يا أبا سعيد إني أبيت معافى وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم ؟ فقال ذنوبك قيدتك، ولكن متى نشعر بالسعادة وهو حينما نلقي بجباهنا على الأرض لله تعالى، ومتى نعود أنفسنا أن نشتاق للقاء ربنا في صلاتنا وذكرنا، ومتى تحلق قلوبنا في السماء طربا وفرحا حينما نبذل الصدقة السخية لا نبالي الفقر أو المسكنة ومتى نعود على صدورنا بالراحة حينما نخفض جناح الذل لوالدينا وأهلينا ؟ فإنها العبادة لله تعالى طريقنا إلى الفلاح والنصر والشفاء.
فهنيئا لنا سلوكها وتوخي طريقها، فنزينها لأنفسنا وأزواجنا وأولادنا، فيا أيها المسلمون رحمة من الله تعالى أن جعل لنا من أمرنا كله عبادة نتقرب بها إليه، ألسنا نأكل وألسنا نشرب وألسنا ننام وألسنا نسعى لطلب الرزق والمعيشة وألسنا نقوم على النفقة على الأهل والذرية وكل هذه الأمور إذا سرت فيها على منهج النبي صلى الله عليه وسلم تتحول إلى عبادة تؤجر عليها فقط إنها تحتاج منك إلى الإخلاص لله تعالى في إكتساب هذا الأجر فما أنفع تلك الأمور إذا قصدت بها أن تعينك بعد الله على طاعته والقيام بأمانته، أرأيت حتى وطرك الذي تقضي به شهوتك لك به أجر كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مما يعينك أخي الكريم على العبادة هو أن تعلم ما أعده الله تعالى من جزاء عليها، فهذا يعينك على رفع الهمة في المواصلة عليها فمن منا يتخيل كم أعده الله تعالى للمسلم.
من أجر في زيارة المريض على سبيل المثال، ولنحرص على التوسط في العبادة، فنعمل كما عمل النبي صلى الله عليه وسلم من غير إفراط ولا تفريط وأن علينا أن نعرف أننا ما خلقنا إلا لعبادة ربنا في كل أحوالنا، فلنعبده ولنصطبر على عبادته، واعلموا يا عباد الله أننا ما خُلقنا سدى ولا خلقنا الله تعالي عبثا كلا، بل لمهمة عليا وهدف أسمى، وهي لنعمر بالخير الأرض ونعبد بالتوحيد الرب، وكلنا يعلم ذلك علما، وقليل من يعلم ذلك عملا، فخلقنا لنعمل لنكدح ونكدّ ونتكبد ونسعى "وليس للإنسان إلا ما سعى وإن سعيه سوف يرى " ويقول تعالي " لقد خلقنا الإنسان في كبد " وكما يقول تعالي " يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه " فاللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.
التعليقات الأخيرة