موسوليني ما بين الإشتراكية والفاشية
موسوليني ما بين الإشتراكية والفاشية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد ذكرت المصادر الكثير عن بينيتو أندريا موسوليني وهو حاكم إيطاليا ما بين عام ألف وتسعمائة واثنين وعشرين إلي عام ألف وتسعمائة وثلاثة وأربعين ميلادي، وكما ذكرت المصادر أنه في طريقه إلي السلطة وكان ذلك في شهر فبراير عام ألف وتسعمائة وتسعة ميلادي، وجد له عملا في مدينة ترينتو ذات الأصول الإيطالية والتي كانت تحت سيطرة الإمبراطورية النمساوية المجرية، وهناك اشتغل شغلا إداريا للفرع المحلي للحزب الاشتراكي ومحررا لصحيفة افينيري دل لافوراتوري وهو مستقبل العامل، وفي عام ألف وتسعمائة وخمسة عشر ميلادي.
وكان قد تزوج ورزق بابن من دالسير من سوبرامونتي بالقرب من ترينتو، ونشر رواية رومانسية مبتذلة بعنوان عشيقة الكاردينال بعد عفو عن الهاربين من خدمة الجيش، وكما ذكرت المصادر التاريخية في الفترة الفاصلة ما بين عامي ألف وتسعمائة وثمانية ميلادي، وعام ألف وتسعمائة وعشرة ميلادي، أقام موسيليني في سويسرا لفترات متقطعة. فعمل بنّاء في شركة المقاولات البرية في لوغانو حيث تعرف على الزعيم الاشتراكي غوليالمو كانيفاشيني الذي استضافه في بيته، وعندما أعلنت إيطاليا عام ألف وتسعمائة وإحدي عشر ميلادي، الحرب على الدولة العثمانية وتحركت لغزو ليبيا ، قاد موسوليني ككل الاشتراكيين، مظاهرات ضد الحرب وحوكم وسجن لعدة أشهر، وبعد إطلاق سراحه رحب به الاشتراكيون وعينوه رئيسا لتحرير جريدتهم الوطنية "إلى الأمام"
ثم فجأة ودون مقدمات أو مشاورات مع قيادة الحزب الاشتراكي نشر موسوليني مقالا في الجريدة يطالب فيه إيطاليا بالدخول إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، فطرد من عمله والحزب واتهم بالخيانة وقد فسر هذا التحول بأنه قبض مبلغا سريا من الحكومة الفرنسية، وبدأت الحرب العالمية الأولى سنة ألف وتسعمائة وأربعة عشر ميلادي، وقد دخلت إيطاليا الحرب، حيث قضى موسوليني عامين بالجيش وبعد إنتهاء الحرب كانت إيطاليا تشهد كثيرا من المشاكل، ولم يكن العمل متوفرا للجنود العائدين من الحرب، والأسعار عالية، ولم يكن بإستطاعة الفقراء شراء حوائجهم، وكانت هناك الإضرابات في المدن وتشكلت العصابات من الفقراء وبيوت الأغنياء تحرق، وكان الجميع خائفا من شيء ما وقد إستشعر موسوليني مزاج الشعب وحالته النفسية وغضب الجنود.
ولم يكن موسوليني راضي عن حياة الفقراء وكان يريد تغيير ذلك وكان يؤمن بأن العنف هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك، وأصبحت الفاشية حركة سياسية منظمة بعد اجتماع ميلانو، وفي الثالث والعشرين من شهر مارس عام ألف وتسعمائة وتسعة عشر ميلادي، وقد أسس موسوليني فاسكي دي كومباتيمنتو في الثالث والعشرين فبراير، وبعد فشله في انتخابات وفي عام ألف وتسعمائة وتسعة عشر ميلادي، وتمكن موسوليني من دخول البرلمان في عام ألف وتسعمائة وواحد عشرين ميلادي، فشكلت الفاشية فرق مسلحة من المحاربين القدامى سميت سكوادريستي لإرهاب الفوضويين والاشتراكيين والشيوعيين، وفي عام ألف وتسعمائة واثنين عشرين ميلادي، وزحف موسوليني بتظاهراته الكبرى التي شارك فيها نحو أربعين ألفا من أصحاب القمصان السود الذين جاءوا من مختلف المدن الإيطالية.
ليحقق مسيرته الكبرى إلى روما المهترئة، وهؤلاء الذين لم يكن لهم أي وجود غداة الحرب العالمية الأولى إذا بهم خلال سنوات قليلة يصل تعدادهم إلى عشرات الألوف من المضللين الذين يحملون هوية الحزب الذي شكله موسوليني وينعمون بالإمتيازات في وسط أوضاع متردية سياسيا وإقتصاديا وقد هيأت لموسوليني الذي تحول من الاشتراكية إلى الفاشية من جعل حزبه بديلا لدولة لم تعد ذات وجود ومكنه من القيام بحملة ديماغوجية حرك من خلالها الغرائز المتطرفة لعدد كبير من العاطلين عن العمل من الجنود المسرحين ومن ذوي السوابق الإجرامية، ومن فلول عصابات الإجرام المنظم المافيا والكومورا وفايدا فجعل لهم أيديولوجية متعصبة إلى حد التطرف ليملأ الفراغ السياسي والأيديولوجي والروحي المتأزم بسبب عدم حصول إيطاليا على أية امتيازات بعد الحرب العالمية الأولى والتي قد وُعدت بها من خلال دول الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى.
التعليقات الأخيرة