فقط في العراق ... ( القابض على السلطة و الزاهد بالمنصب )
بعد نتائج الانتخابات النيابية العراقية و التي افرزت نتائجها إلى حصول الأحزاب الشيعية في العراق على قرابة ال 190 مقعد من أصل 329 مقعد رغم ان الصورة غير واضحة هل جميعها تدخل بأتلاف واحد لتشكل الكتلة الأكبر داخل البرلمان ليختار رئيس الوزراء القادم ام البعض القليل منها سيكون خارج هذه الكتلة ... المشكلة في كل دول العالم حين تجري الانتخابات يطرح الحزب برنامج سياسي واضح و شخصية يمثل تطبيق هذا البرنامج في حال فوزها او على أقل تقدير في حال أئتلافها مع الآخرين الا في العراق الكتلة الأكبر عمدت إلى تشكيل لجنة من الأحزاب و الكيانات الفائزة لأختيار رئيس وزراء بأسلوب الشركات التجارية حين تعلن عن حاجتها لمدير قسم او إدارة مشروع بل و ذهب ابعد من ذلك بأن تطلب منه رؤيته في كيفية إدارة الحكومة تاركة برنامجها السياسي التي طرحتها في الحملة الدعائية للأنتخابات ... و يبدو أن هذا فيها جنبتين اولها الفرار من المسؤولية للأيام القادمة كون العراق يعيش حالة أزمات و تحديات اقتصادية مع أحتمالية نزول اسعار النفط عالمياً و الذي يعتبر الاقتصاد العراقي اقتصاد ريعي إذ يعتمد اقتصاده بنسبة 90 في المائة على واردات النفط لسد رواتب الموظفين و المتقاعدين و ربما تأتي لحظات الصدمة في اي وقت مع تزايد الديون الداخلية و الخارجية للعراق و الذي بلغ قرابة 130 مليار دولار مع ميزانيته الانفجارية تكرار تجربة إستقالة رئيس الوزراء الأسبق السيد عادل عبد المهدي ابان الاحتجاجات الشعبية الكبرى بما يسمى تظاهرات تشرين الأمر الذي كلف القوى السياسية الشيعية الشيء الكثير ...
الأمر الآخر الضغوطات الأقليمية و الأمريكية و التي دخلت صراعاً على النفوذ في المنطقة و التغيرات في موازين القوى خصوصاً بعد أحداث 7 اكتوبر و نتائجها و التي تحاول الأدارة الأمريكية من أثبات وجود بصمتها السياسية في العراق و سحبها من نفوذ دول المنطقة و خصوصاً النفوذ الإيراني الذي يسعى إلى تسمية شخصية قريبة منها و يخرج من رحم ما يسمى ( الصوت السياسي لهذه الفصاىل التي حصدت قرابة 90 إلى 100 مقعد ) و اجهاض مشروع خارطة الشرق الأوسط الجديد و يعتبر هذا تحدياً للولايات المتحدة و التي تصرح على لسان مسؤوليتها بأنها لا تقبل مشاركة هذه الفصائل في تشكيل الحكومة القادمة و المتزامنة مع مجيئ مبعوث ترامب إلى العراق للتعامل مع القوى السياسية العراقية ( لأدارة الأزمة و ليس حل الأزمة ) و سحب العراق من النفوذ الايراني ... لهذا و ذاك التحالف الأكبر لقوى الأحزاب الشيعية و المسمى ( الأطار التنسيقي ) اخذت كل هذه الأمور بعين الأعتبار و ذهب إلى آلية غريبة جداً لأختيار رئيس الوزراء القادم ... و قد يكون رئيس الوزراء القادم من خارج البرلمان العراقي لكي لا يكون متمرداً على الإطار التنسيقي في حال أراد الأستئثار بالسلطة او الخروج عن رؤيتهم و بالتالي يكون غير مدعوم بكتلة نيابية قوية و امكانية أقالته من رئاسة الوزراء و اختيار شخصية أخرى ... هذا الأسلوب هو التخلي عن تحمل المسؤولية في حال الأخفاق و تصديره نجاحاً لها في حال عبور المرحلة القادمة و البقاء ضمن ما يسمى ( القابض على السلطة و الزاهد بمنصب رئيس الوزراء ) ...
التعليقات الأخيرة