news-details
مقالات

التفكك الأسري بقلم / د سعاد حسني " جريده الأضواء المصريه "

التفكك الأسري.       مقال
بقلم د /  سعاد حسني

التفكك الأسري : كلمة تخض و تلفت الانتباه، وتجعلنا نتوفق ونسأل أنفسنا ما الأسباب التي تؤدي إلى التفكك الأسري؟
الله - سبحانه وتعالى - جعل الأسرة هي نواة المجتمع الإسلامي السليم. ولكن ما المقصود بالأسرة؟ الأسرة تتكون من الأب والأم والأولاد أي كان عددهم.

ما هدفها؟ هو حماية أفرادها من براثن الضياع، والانفلات الأسري، والسير في طريق قد لا يكون له نهاية، أو رجوع، أو مرسي يرسي عليه.
إذن ما الذي يؤدي إلى التفكك الأسري؟ ما الذي يجعل كل فرد يسير فيها إلى طريقه دون الالتفات إلى الأخر؟

الحقيقة هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى التفكك الأسري، ونجد أن كل سبب لا يستغنى عن الأخر لأهميته.
أولا: عدم تفهم مسئولية كل فرد فيها بدوره وخاصة الأب واسمحوا لي أن أضع الحمل الأكبر عليه؛ لأنه هو حجر الزاوية التي يحركها ويتحكم في مسارها؛ فالأب هو المنفق، هو المرشد، هو الموجه، هو المتابع، هو المحاسب. فإن لم يكن كذلك فقد فقد كثيرا من دوره، مما يؤثر على مسار الأسرة واتجاهها.
ويأتي دور الأم فإن حباها الله أن تكون منبع الحنان والعطف، فهو أيضا جعلها مصدر الرعاية والتربية السليمة، والتنشئة، وأن تكون عطوفة دون تدليل، وأن تكون حاسمة دون قسوة. أي الجمع بين الشدةواللين في آن واحد؛ حتى تستقيم الأمور. ويأتي دور الأبناء حيث يعترف كل ابن منهم بواجبه نحو الأسرة ، كما يعلم حقوقه تماما.

ثانيا : البعد الديني، و أرى أن هذا البعد هو العامل الروحي الذي يجمع بين أفراد الأسرة، وهو المحرك الجوهري لها، وهو أيضا صمام الأمان لها. إن كان كل فرد يتقي الله في الأخرين، ويعترف بحقوقهم عليه. وكل يدلو بدلوه في إرضاء الله عن طريق إسعاد هم والتضحية من أجلهم؛ فتستقيم الأسرة إلى يريده الله من هذه الأسرة. أما إذا كان عكس ذلك وأصبح كل فرد يفكر في ذاته فقط، فسوف يعرض الأسرة إلى مهب الريح ويجعلها الورقة الهاشة التي تتنقلها الرياح كيفما تشاء.

ثالثا: البعد الثقافي، أعتقد أن لا أحد يخالفني في الرأي عندما أقول أن البعد الثقافي للأسرة و أفرادها هو النور الذي ينير طريقها ومسارها، وذلك يرجع إلى أن الفكر القائم على الثقافة والتعليم السليم غالبا ما يكون صائبا؛ فكلما ارتقي الإنسان بثقافة وفكر ونضج قراره وأصاب هدفه،وما يجعل الأب والأم أن يكون بينهما اتفاق على طريقة تربية الأولاد طبقا لخطة واضحة الملامح، وأن يكون كل منهما يقوم بدوره دون التعارض مع الأخر، بل مكملين لبعضهما البعض. أم دون ذلك فقد يؤدي إلي التخبط، وعدم تدارك المساوئ التي قد تنتج عن ذلك.

رابعا: البعد الاجتماعي، مما لاشك فيه أن هذا البعد يكن كل الأهمية في مضمونه وطياته، وذلك يرجع إلى تكوين الأسرة : الرجل والمرأة كلاهما يأتيان من بيئة مختلفة عن الأخر، كل بمفهوم تربيته وطباعه، وقد يكونا مختلفين كل الاختلاف عن بعضهما مما يؤدي إلى التصادم والصراع الأسري، وخاصة إذا حاول كل منهما إلى إثبات إنه الأحق بمجريات الأمور.

خامسا : البعد الاقتصادي، وقد جعلته أخر نقطة أو بالأحرى أخر سبب في التفكك الأسري؛ لأني أجد من وجهة نظري المتواضعة أن الأسرة إذا توفر فيها الأبعاد السابقة ( كل فرد يقوم بمسؤليته - البعد الديني - الثقافي  - الاجتماعي) بصورة جيدة فلم يكن للبعد الاقتصادي أثر كبير. وذلك يرجع إلى التفاهم والتسامح والتحلي بالإيثار وتقديم بعض التنازلات وبعض التضحيات لجميع أفراد الأسرة سوف يتغلبون على أية عوائق اقتصادية؛ ولأنهم سوف يكونون مصدا لأية رياح خارجية تريد الإحاطة بهذه الأسرة أو تلك.

وفي النهاية إن الأسرة هي المجتمع الصغير التي إن صلحت صلح المجتمع الأكبر، ولهذا علينا مراجعة أنفسنا ونحاسبها، و نسألها :هل نحن فعلا نقوم بدورنا تجاه أولادنا وأسرنا كما يريد الله منا؟ أم أن هناك تقصيرا؟ والإجابة القطعية كلنا مقصرين وخير دليل على ذلك ما وصل إليه حال أبنائنا من انفلات  أخلاقي، وديني، وثقافي، وتعليمي.

يمكنك مشاركته عبر

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا