أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه
أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن آفة الكذب والإفتراء، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فمن الناس من يغتاب موافقة لجلسائه وأصحابه وعشائره، مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون، أو فيه بعض ما يقولون، لكن يري أنه لو أنكر عليهم قطع المجلس وإستثقله أهل المجلس ونفروا عنه، فيري موافقتهم من حسن المعاشرة وطيب المصاحبة، وقد يغضبون فيغضب لغضبهم فيخوض معهم، ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتي، تارة في قالب ديانة وصلاح، فيقول ليس لي عادة أن أذكر أحدا إلا بخير.
ولا أحب الغيبة ولا الكذب، وإنما أخبركم بأحواله، ويقول والله إنه مسكين أو رجل جيد ولكن فيه كيت وكيت، وربما يقول دعونا منه، الله يغفر لنا وله وإنما قصده إستنقاصه وهضما لجنابه ويخرجون الغيبة في قوالب صلاح وديانة، يخادعون الله بذلك، كما يخادعون مخلوقا، وقد رأينا منهم ألوانا كثيرة من هذا وأشباهه، ومنهم من يرفع غيره رياء فيرفع نفسه، فيقول لو دعوت البارحة في صلاتي لفلان، لما بلغني عنه كيت وكيت، ليرفع نفسه ويضعه عند من يعتقده أو يقول فلان بليد الذهن قليل الفهم، وقصده مدح نفسه وإثبات معرفته وأنه أفضل منه، ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة فيجمع بين أمرين قبيحين الغيبة والحسد، وإذا أثني على شخص أزال ذلك عنه بما إستطاع من تنقصه في قالب دين وصلاح، أو في قالب حسد وفجور وقدح، ليسقط ذلك عنه.
ومنهم من يخرج الغيبة في قالب تمسخر ولعب، ليضحك غيره بإستهزائه ومحاكاته واستصغار المستهزأ به، ومنهم من يخرج الغيبة في قالب التعجب، فيقول تعجبت من فلان كيف لا يفعل كيت وكيت؟ ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت؟ وكيف فعل كيت وكيت؟ فيخرج اسمه في معرض تعجبه، ومنهم من يخرج الإغتنام، فيقول مسكين فلان، غمني ما جري له وما تم له، فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف وقلبه منطو على التشفي به، ولو قدر لزاد على ما به، وربما يذكره عند أعدائه ليشتفوا به، وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه، ومنهم من يظهر الغيبة في قالب غضب وإنكار منكر، فيظهر في هذا الباب أشياء من زخارف القول، وقصده غير ما أظهر، وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله أدركت بهذه البلدة ويعني المدينة.
أقواما لم تكن لهم عيوب فعابوا الناس فصارت لهم عيوب، وأدركت بها أقواما لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فنسيت عيوبه، وعن سعيد بن عبد العزيز رحمه الله قال " رأى أبو الدرداء رضي الله عنه امرأة سليطة اللسان، فقال لو كانت هذه خرساء، كان خيرا لها" وقال ابن حبان البستي "الواجب على العاقل لزوم السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس، مع الإشتغال بإصلاح عيوب نفسه فإن من إشتغل بعيوبه عن عيوب غيره أراح بدنه ولم يتعب قلبه، فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من أخيه، وإن من إشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمي قلبه وتعب بدنه وتعذر عليه ترك عيوب نفسه، وذكر الإمام الأبشيهي في مستطرفه أن رجلا سب رجلا وقال له إياك أعني، فقال الآخر وعنك أعرض.
التعليقات الأخيرة